الحلم المستحيل

الحلم المستحيل

الحلم المستحيل

 العرب اليوم -

الحلم المستحيل

بقلم: د. محمود خليل

قدم الابن شمس الدين الناجى، والحفيد سليمان الناجى، نموذجين متباينين فى سياق محاولة إحياء سيرة ومسيرة «عاشور الناجى» فى حماية الحرافيش، اتفقا فى انخفاض منسوب «النُبل» لديهما عن «نهر النُبل» الذى جرى فى عروق الناجى الكبير، واختلفا بعد ذلك فى مدى قربهما أو بعدهما عن الحرافيش وأداء واجباتهما نحوهم.

اعتلى شمس الدين الناجى عرش الفتونة فى لحظة يأس أحس فيها الحرافيش أن زمان «عاشور» قد ولى، وأن عهد القوة النبيلة انتهى وعصر القوة الغشومة يؤذن بالرجوع، التف الحرافيش من حوله، وكان عند حسن ظنهم به، فأعاد فى بداياته الأولى سيرة عاشور الناجى فى العدل، ومنحهم المزيد من فرص الحياة، ووزع عليهم ما جمعه من أعيان الحارة وتجارها بالعدل والقسطاس المستقيم، لكنه عاش يبحث عن حلم «القوة الخالدة» التى لا يفنيها العمر ولا يدمرها الزمن. على تخوم هذا الحلم المستحيل عاش «شمس الدين».

حكيت لك أن نجيب محفوظ بدا متأثراً بعض الشىء بمفهوم المستبد العادل الذى نظّر له الشيخ محمد عبده وهو يرسم شخصية «عاشور الناجى»، وأن ظلال شخصية محمد على كانت تتسكع فى رأس «الإمام» وهو يؤصل للمفهوم، فهل يمكن القول بأن الأديب العالمى كان متأثراً بشخصية ما وهو يرسم صورة فتوة الحرافيش الجديد «شمس الدين الناجى»؟. وهل يصح أن تكون هذه الشخصية هى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟

قد يكون. فـ«عبدالناصر» بدأ رحلته فى الحكم بتوزيع أراضى الأعيان على الفلاحين، كجزء من خطته فى تخليص مصر من الإقطاع، وبعدها سار على طريق التأميم، وكل مشروع كان يتم تأميمه كان يتم الإعلان عن نقل ملكيته إلى الشعب، والشعب هو العمال والفلاحون والطلبة والموظفون والمثقفون، الذين تعاملت معهم الدولة كـ«عيالها» المطلوب منها حمايتهم ورعايتهم، تماماً مثلما كان «شمس الدين»، وريث الناجى الكبير، يرعى حرافيش الحارة، ولكن هل كان «عبدالناصر» يطارد هو الآخر حلماً مستحيلاً؟

لا خلاف على أن «عبدالناصر» عاش يطارد حلماً ببناء دولة قوية، وعاش الحلم معه بسطاء المصريين الذين اشتعل وجدانهم بشعارات المرحلة التى تتحدث عن الدولة القائدة القادرة القاهرة، تمكن «ناصر» من نفح البسطاء العديد من المكاسب، لكنه لم يستطع أن يحقق الحلم، ظل يطارده دون جدوى، تماماً مثلما فعل شمس الدين الناجى الذى يجرى وراء حلم «القوة الخالدة»، وكان يرتعد حين يلمح شعرة بيضاء تنبت وسط شعره الأسود الكثيف، أو يشعر بنوع من الخور أو التهاوى وهو يدرب ابنه «سليمان» على مهارات الفتونة، لكنه ظل يقاتل حتى اللحظة الأخيرة من حياته، وجاءت نهايته فى معركة حاول أن يخوضها دون أن يملك إمكانياتها، بعد أن باتت الحارة تستظل عملياً بفتونة سليمان الناجى، تحمس العجوز الذى غلبه الزمن ولم يدر أن «نبوته» لم يعد يسعفه، وأن جسده ناء بحمل روحه المتمردة، ولحق بابنه وهو يعارك أحد الفتوات وانطلق يضرب يميناً وشمالاً ولكن سرعان ما خر جريحاً، وخارت ساقاه فلم تعودا قادرتين على حمله، تهاوى فلحقت به الأيادى من حوله وحملته إلى بيته ليجود فيها بما تبقى له من أنفاس الحياة ويلقى وجه ربه.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلم المستحيل الحلم المستحيل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab