المعلمون الأشرار

المعلمون الأشرار

المعلمون الأشرار

 العرب اليوم -

المعلمون الأشرار

بقلم: د. محمود خليل

«الأشرار معلمون.. قساة وصادقون».. كذلك بدا المشهد لعاشور الناجى وهو يقارن بين أعوام تزيد على العشرين قضاها فى كنف الشيخ «عفرة زيدان»، تعلم على يديه فيها من الدين الكثير، فى مقابل ليالٍ قضاها فى كنف «درويش زيدان» الشقيق الأصغر للشيخ، تعلم فيها الكثير عن الدنيا وشرور الدنيا.

المجتهدون فى تعليم القيم معلمون هينون لينون.. إنهم لا يقلون صدقاً عن معلمى الشر، لكنهم لا يعرفون القسوة. فالعلاقة منبتة بين القيمة والقسوة، وأصل القيم رحمة وتراحم.

نحن أمام جملة جديدة مشعة بالحكمة سكها نجيب محفوظ فى سياق سردية «عاشور الناجى» ضمن رواية الحرافيش.

الأشرار أكثر واقعية فى الأغلب من الأخيار المثاليين الذين يحلقون بعيداً فى سماء القيم والأخلاقيات. غرق الأشرار فى الواقع القاسى يكسبهم شيئاً من قسوته، وللأسف فإن كلامهم يصدقه الواقع فى الأغلب.

هكذا عاش «عاشور الناجى» تجربة التعلم على يد الأشرار، بعد أن مات الشيخ «عفرة زيدان» الذى زرع بذرة الخير داخل نفسه العاشقة لأناشيد الزهد.

طارده المعلم القاسى «درويش زيدان»، وضع الفاتنة «فُلة» فى طريقه، تلك الصغيرة التى عرف «درويش» كيف يصدرها إلى عاشور الناجى عبر بوابة نفسه. أخبره أنها لقيطة لا يعرف أحد أمها أو أباها، وأنه التقطها من الشارع لتعمل معه فى «البوظة». كان «درويش» يفهم نفسية عاشور جيداً، فقد كان لقيطاً مثلها، يعانى نبذ وتهميش الآخرين له. عرف المعلم القاسى كيف يختار الوتر الذى يعزف عليه، وما أسرع ما أطرب العملاق الخيّر، فقرر فى لحظة أن يأخذ «فُلة» لنفسه ويتزوجها على سُنة الله ورسوله، وهو الذى كان يصفها بالأمس بالشيطانة الصغيرة التى يرعاها شيطان كبير، هو درويش زيدان.

كانت فُلة أيضاً من هذا الصنف من البشر «القساة الصادقين»، تمكن عاشور الناجى خلال رحلة عشرته لها من تهذيب حشائش الشر التى نمت داخل نفسها، لكن البذرة ظلت موجودة، تنتهز الفرصة للظهور، وقد واتتها بعد عودتهما من رحلة العزلة فى الجبل الذى آووا إليه هرباً من «الشوطة» التى أكلت أهل الحارة، ولم تترك منهم حياً إلا وأهلكته.

استطاعت الجميلة الفاتنة أن تُزين لعاشور الاستيلاء على مال الغير، ودفعته إلى وضع يده على قصر إحدى العائلات الكبيرة التى مات كل أفرادها فى الشوطة (عائلة البنّان). أقنعته بـ«الحرام» الذى تحبه من أقصر الطرق التى يحبها: «الحلال»، وقالت له: «المال حرام ما لم ينفق فى حلال.. وهو حلال ما دمنا نُنفقه فى حلال».

استجاب عاشور، وهفت نفسه الزاهدة إلى لحظة غرق فى متاع الدنيا، فانطلق يعب من ملذاتها وأطايبها، لكنه لم ينسَ «الحرافيش» فأخذ يعطيهم من مال غيره، وأنشأ زاوية وحوض مياه للدواب والسبيل، والكثير من المشروعات الخيرية الأخرى. إنها لحظات ضاع فيها العملاق الطيب بما تعلمه فى مدرسة المعلمين الأشرار، القساة الصادقين، حتى أرادت الأقدار أن تخرجه مما هو فيه، وأن تهديه لحظة استفاقة، يعود فيها إلى أصله ونفسه المطبوعة على الخير والاستقامة.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعلمون الأشرار المعلمون الأشرار



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله

GMT 10:04 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

البيت الأبيض يكتسى بالثلوج و5 ولايات أمريكية تعلن الطوارئ

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يضرب التبت في الصين ويتسبب بمصرع 53 شخصًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab