السفينة والأرض الغارقة

السفينة.. والأرض الغارقة

السفينة.. والأرض الغارقة

 العرب اليوم -

السفينة والأرض الغارقة

بقلم - محمود خليل

السفينة فى قصة نبى الله «نوح» تحمل رمزية خاصة، فهى أداة النجاة من الغرق فى أى عصر وظرف، قد تكون طوقاً أو قارب نجاة أو كلمة يتشبث بها الإنسان فى لحظة محنة. الله تعالى ألقى لكل أنبيائه بطوق نجاة فى لحظات المحن، وحين واجهوا تهديداً وجودياً. على سبيل المثال كانت العصا سفينة النجاة فى قصة نبى الله موسى، حين شق بها البحر فعبر ببنى إسرائيل إلى الشاطئ الآخر، ثم ضربه ثانية فانغلق الماء على فرعون وجنوده، وكانت «المدينة» سفينة نجاة محمد، صلى الله عليه وسلم، حين هاجر إليها، وجعل منها نقطة انطلاق نحو فتح مكة.. وهكذا. حياة البشر كلهم لا تخلو من أداة نجاة يُلقى بها الخالق العظيم لكل من يعيش محنة، وكأن لكل إنسان سفينته.

مثّلت السفينة التى أمر الله تعالى نوحاً بصناعتها الأداة التى نجا بها من وثنية قومه وكيدهم له، والواضح أنها كانت فى حينها أداة غير مطروقة، وأن النبى أُلهم صناعتها بالاستعانة بألواح الخشب والمسامير التى تشدّها إلى بعضها البعض: «وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ»، ويمكنك أن تجد مؤشراً على غرابة هذه الأداة فى حينها فى سخرية قوم نوح منه. يقول الله تعالى: «وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ». ظل المغفلون يسخرون من نوح وسفينته، وهم لا يعلمون أنها ستكون فى لحظة أداة النجاة الوحيدة على الأرض، وأن كل بائس منهم سوف يعيش لحظة يتمنى فيها لو كان فوق ظهرها، وأنه سيندم حين لا ينفع الندم. وقد كان «نوح» يعالج سخريتهم بالوعيد بأنه ستأتى لحظة سوف يسخر منهم كما يسخرون، وقد جاءت حين عضّوا أصابع الندم.

رمزية السفينة لا تتوقف عند حدود الدلالة على أداة النجاة، بل تتجاوزها إلى دلالة أكثر اتساعاً مثّلتها هذه الألواح فى لحظة عبقرية من عمر الزمن، حين شكلت «سفينة نوح» الكون بما فيه ومن فيه.. ففوق متنها استقر «نوح» ومن معه من المؤمنين، وكذلك ما حشر فيها من مخلوقات الله من كل زوجين اثنين، وبينما كانت السفينة تمخر فى عباب البحر اجتاحت المياه كل شىء على الأرض فأغرقته وأهلكته، وبالتالى لم يعد هناك حياة إلا فوق ظهر السفينة، وصارت وأهلها مركز الكون، حتى انتهى عقاب السماء لأهل الأرض، فهدأت ثورة الماء، وساد السلام على الأرض وهبط «نوح» والناجون إلى الدنيا من جديد.

وختام الحالة الرمزية التى تمثلها سفينة نوح جاءت فى الحمامة التى هبطت من السفينة إلى الأرض، فالتقطت غصن الزيتون، بعد أن هدأ الماء، وطارت به إلى السفينة، ليعلم من استقروا فوق متنها أن عقاب المجرمين اكتمل، وأن الدنيا هدأت على الأرض، وأصبحت صالحة للحياة من جديد، فتحولت هذه الحمامة إلى رمز باقٍ ما بقيت الحياة على الأرض، رمز يردّد أن المجد والقدرة والعظمة لله فى أعالى سمائه، وأن على الأرض السلام، وفى الناس السعادة والمسرة.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السفينة والأرض الغارقة السفينة والأرض الغارقة



الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:12 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

البابا لاوون الرابع عشر يدعو اللبنانيين إلى الأمل والوحدة
 العرب اليوم - البابا لاوون الرابع عشر يدعو اللبنانيين إلى الأمل والوحدة

GMT 18:43 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بوتين يستفيد من أوراق قوة متزايدة أمام خطة السلام الأميركية
 العرب اليوم - بوتين يستفيد من أوراق قوة متزايدة أمام خطة السلام الأميركية

GMT 00:24 2025 الأربعاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يحذر أي دولة تهرب المخدرات إلى أميركا من التعرض للهجوم
 العرب اليوم - ترامب يحذر أي دولة تهرب المخدرات إلى أميركا من التعرض للهجوم

GMT 23:05 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

علامات تشير إلى أن التوتر لديك أعلى مما تتوقع
 العرب اليوم - علامات تشير إلى أن التوتر لديك أعلى مما تتوقع

GMT 06:00 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

في كيفية إنهاء زمن غطرسة المهزوم

GMT 08:03 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة إلى عالم الألوان اكتشف روعة الشفق القطبي في النرويج

GMT 07:41 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فستان الكاب لإطلالة تمنح حضوراً آسراً في السهرات

GMT 07:53 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

موسم الرياض 2025 يتخطى حاجز خمسة ملايين زائر منذ انطلاقه

GMT 07:33 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حصيلة فيضانات إندونيسيا تصل لـ631 قتيلاً والمفقودون 470

GMT 12:57 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

دونالد ترمب سيحضر قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن

GMT 18:40 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مجلس الوزراء السعودي يناقش ميزانية عام 2026 يوم الثلاثاء

GMT 07:29 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

نظام غذائي جديد ينافس "المتوسطي" في إنقاص الوزن

GMT 00:04 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وروسيا تعلنان إعفاء التأشيرات المتبادل

GMT 06:03 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ترمب وتهمة الجهل السياسي

GMT 09:45 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 09:57 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

دولة أكثر من فاسدة !

GMT 09:30 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مهرجان الموسيقى العربية يقهر «ذاكرة الأسماك»

GMT 09:38 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 09:48 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5 1 درجات يضرب ولاية ألاسكا الأمريكية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab