حادثة «كفر الزيات»

حادثة «كفر الزيات»

حادثة «كفر الزيات»

 العرب اليوم -

حادثة «كفر الزيات»

بقلم: د. محمود خليل

هل يمكن أن يضار شخص بموقعه؟ ممكن بالطبع. فالموقع المتميز يثير الحسد لدى الآخرين. لا يظهر الحسد ما بين البشر الذين يجمعهم مجال عمل أو أي مجال مشترك آخر وفقط، بل قد يحدث بين الأشقاء، مثلما حدث بين نبي الله يوسف واخوته.

فالأخ الأكبر قد يحسد الأصغر على موقعه من أبيه، والعكس، والبنت قد تحسد شقيقها الأكثر حظوة عند أبيه أو أمه والعكس، والفقير قد يحسد الغني، والشقيق الذي يحظى بأبناء غير نابهين قد يحسد شقيقه الذي حباه الله بأبناء ناجحين وهكذا.

وقد يتعدى الأمر ما بين الأشقاء الأمور السابقة إلى ما هو أخطر وأشد دفعاً إلى الحسد، والحسد هنا لا يتوقف عند نظرة أو كلمة تعبر عنه، بل يترجم إلى أفعال غامضة كل الغموض، تماماً مثلما حدث بين البرنس أحمد رفعت والبرنس اسماعيل أولاد ابراهيم باشا بن محمد علي.

تعلم أن الخديوي اسماعيل تولى الحكم بعد وفاة الوالي سعيد، لكن من غير المشهور أن اسماعيل لم يكن ولي العهد، بعد سعيد، بل شقيقه الأكبر البرنس أحمد رفعت، وكان يفترض أن يكون خديوي مصر بعد سعيد، لكن حادثة مدوية شهدها بر مصر حالت دون ذلك، كان ذلك في رمضان عام 1274 هجرية (مايو 1858م).

اشتهر "سعيد" بإقامة الحفلات الكبرى والولائم العامرة في شهر رمضان، وقد جرت عادته على دعوة أمراء الأسرة العلوية لحضور هذه الاحتفاليات التي يقيمها بمناسبة الشهر الكريم.

وفي رمضان 1274ه نظم "سعيد" حفلاً كبيراً في الاسكندرية دعا الأمراء إليه، وعلى رأسهم ولي عهده الأمير أحمد رفعت، والأمير اسماعيل (أصغر أبناء ابراهيم باشا بن محمد علي)، وكذلك حليم باشا أصغر أبناء محمد علي.

ولبى "رفعت" و"حليم" الدعوة، أما "اسماعيل" فقد اعتذر عنها بسبب توعك مزاجه!.

صدّق الأميران كلام "اسماعيل" وامتطيا القطار الخاص إلى الاسكندرية لمشاركة الخديوي الاحتفال بليلة من ليالي الشهر المعظم.

وصل الأميران سالمين وعاشا لحظات سعيدة، ثم قررا الرحيل، فركبا القطار ليتخذ وجهته إلى القاهرة، ولكن وقعت واقعة عجيبة عند منطقة كفر الزيات، حيث فوجىء سائق القطار بأن الكوبري مفتوح للسماح بعبور السفن، وكان القطار يسير على سرعته المعتادة فلم يتمكن السائق من إيقافه ليسقط بالأميرين وحاشيتهما في النيل!.

نجا الأمير حليم من الحادث، وكان معروفاً عنه إجادة السباحة، في حين أفضى الأمير أحمد رفعت ولي عهد مصر إلى ربه غرقاً، بسبب عدم إجادته للعوم.

وآلت ولاية العهد من بعده إلى أخيه الأصغر الأمير إسماعيل، الحادثة كانت مثار أحاديث الناس فقد وقعت في كفر الزيات، وفوق صفحة النيل، ووصل صداها إلى الأهالي، وكان لسان حالهم يقول أن موتة الأمير "أحمد رفعت" لم تكن قدرية بل مخططة، وأن التخطيط تم بمعرفة الخديو سعيد، وربما أيضاً بعلم "اسماعيل" الذي كان لديه معلومة عن التدبير الذي يتم ضد أخيه الأكبر بدليل اعتذاره عن حضور حفل الاسكندرية.

يتحدث ميخائيل شاروبيم في كتابه "الكافي في تاريخ مصر" عن مصرع الأمير أحمد رفعت، ويشير إلى أن الناس تحدثوا أنه أغرق بأمر من "سعيد" حتى لا يتولى الحكم من بعده لأمر نقمه عليه، وأن "سعيد" أرسل إلى الأميرين اسماعيل ومصطفى فاضل (شقيقا أحمد رفعت) يطلب منهما عدم ركوب القطار الذي غرق فيه الأمير أحمد في النيل.

ويعني ذلك أن سعيد تمكن من إقناع "اسماعيل" بالمشاركة في مؤامرة قتل أخيه، وأن الأخير وافق على ذلك طمعاً في العرش. ولعلك تعلم أنه بعد وصول "اسماعيل" إلى سدة الولاية تآمر على كل نسل محمد علي، واستصدر فرماناً عثمانياً بجعل ولاية العرش من بعده في نسله.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حادثة «كفر الزيات» حادثة «كفر الزيات»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab