النسخة الناجية من «التوراة»

النسخة الناجية من «التوراة»

النسخة الناجية من «التوراة»

 العرب اليوم -

النسخة الناجية من «التوراة»

بقلم : محمود خليل

لم تكن العجوز الكفيفة المعروقة التى قابلها «عُزير» على باب داره سوى خادمته التى تركها شابة قوية فتية قادرة عمرها 20 عاماً. لم يعرفها «عُزير» بالطبع بعد أن أكل عليها الزمان وشرب، سألها: أهنا منزل عزير؟ قالت: نعم هذا منزل عُزير، ثم بكت وقالت: ما رأيت أحداً من كذا وكذا سنة يذكر عُزيراً، وقد نسيه الناس، قال: فإنى أنا عُزير، كان الله أماتنى مائة سنة ثم بعثنى، قالت: سبحان الله! فإن عُزيراً قد فقدناه منذ مائة سنة، فلم نسمع له بذكر، قال: فإنى أنا عُزير، قالت: فإن عُزيراً رجل مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء، فادع الله أن يرد علىَّ بصرى حتى أراك، فإن كنت عُزيراً عرفتك، فدعا ربه ومسح بيده على عينيها فصحتا.

كانت الخادمة العجوز دليل عزير إلى أهله الذين لم يكن تبقى منهم سوى ولد له تركه وعمره 18 سنة، وجد عُزير البالغ من العمر 40 سنة ولده شيخاً متهالكاً، عمره 118 عاماً، ووجد أحفاده شيوخاً كباراً يجرجرون أقدامهم، نظر إليهم مشدوهاً، ونظروا إليه مندهشين، هتف ابنه بعلامة كانت لأبيه بين كتفيه، وتحقق الجميع أنه أبوهم وجدهم عزير. لك أن تتخيل هذا المشهد الذى يجلس فيه الأب والجد الشاب مع ولده الوحيد الباقى وبنى بنيه، الذين أكلهم الزمان، فباتوا شيوخاً على عتبة الفناء.

كان عُزير آخر من تبقى من بنى إسرائيل ممن يحفظ التوراة، بعد أن أحرق بختنصر المتوافر من نسخها، فكأن الله تعالى أعاده ليدونها من جديد فى الصحف قبل أن يبلى ويذهب إلى ربه، ذلك ما حكاه «ابن كثير» فى «البداية والنهاية»، ويدلك هذا على حكمة جديدة فى قصة هذا العبد الصالح، فقد أراد الله تعالى أن يرد من خلاله كتابه إلى الأرض، بعد أن ظن أحد البغاة أنه قضى عليه، واستسلم الناس لهذه الفكرة، وأخذوا يرددون أن كتابه ذهب من الأرض، بعد أن أحرق بختنصر نسخه، ومات من كانوا يحفظون شيئاً منه، دون أن يدونوا ما يحفظون. لقد قضت مشيئة الله أن يعود عزير إلى الحياة ليتمم هذه المهمة.

ينقل «ابن كثير» مسألة أن «عزيراً» كان آخر مَن يحفظ التوراة عن وهب بن منبه، ما يفرض علينا أخذها بنوع من الحذر، لكن يبقى أن هذا التبرير يعكس جانباً فى الفكر الإنسانى الباحث باستمرار عن الحكمة الكامنة وراء الأحداث العجيبة المدهشة، مثل هذه الحادثة التى وقعت لعزير، ذلك الذى تشكك للحظة فى قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، فأماته الله تعالى 100 عام ثم بعثه، وبعث معه حماره وطعامه، فالحكمة فى القصة -على المستوى الفردى- تتمثل فى إثبات رحمه الله بعبده المؤمن وعطفه عليه وعدم تركه لظنونه وهواجسه، والأخذ بيده نحو شاطئ اليقين، أما الحكمة العامة فتمثلت فى الإشارة إلى ما أراده الله تعالى من أن يبعث لبنى إسرائيل التوراة من جديد، الكتاب الذى دفنت آياته فى صدر «العُزير» الذى اختفى منذ 100 عام واستعوض الناس الخالق فيه وفى التوراة، لكن الله شاء أن يبعث الاثنين من جديد.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النسخة الناجية من «التوراة» النسخة الناجية من «التوراة»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab