بقلم - محمود خليل
اختلفت درجة وعى أفراد جيل الثمانينات بتأثير التكنولوجيا على مسيرتهم فى الحياة، وإدراك ما للعامل التكنولوجى من أثر على إعادة تشكيل الحدود الفاصلة بين الأجيال، وإحداث نوع من التداخل بين الأجيال.
طبقاً للعامل التكنولوجى باتت الأجيال التى تسعى فوق الأرض -مع مطلع الألفية الجديدة- تصنف فى فئات أربع: يوصف الجيل الأول منها بالجيل الصامت، ويشمل مواليد الفترة ما بين عامى 1926 و1945، ما يعنى أنه عاصر الحرب العالمية الثانية. ويتسم بالانضباط والتمسك بالقيم، والتواصل المباشر مع الآخرين بعيداً عن الوسائط التكنولوجية، وهو بطبيعته جيل تربى على فكرة أن يكون مرئياً أكثر منه مسموعاً، لذا يوصف بالجيل الصامت.
الجيل الثانى هو الجيل «إكس»، وهو من مواليد الفترة من 1966 - 1980. وقد نشأ فى وقت كانت التكنولوجيا فيه تتطور بسرعة، لكنها لم تكن متوافرة وفى المتناول كما هو الحال اليوم، ويمتد أبناء هذا الجيل بين العالمين الرقمى وغير الرقمى، ومن صفات هذا الجيل سعة الحيلة، والمنطقية، والقدرة على حل المشكلات.
يأتى بعد ذلك الجيل «واى»، أو جيل الألفية، ومن الصعب تحديد النقطة التاريخية التى يبدأ أو ينتهى عندها، لكنه فى الأغلب يقبع بين مواليد الفترة من عام 1980 - 1995، وهو جيل فضولى، وكثير الأسئلة، ويتمتع بقدر من الثقة بالذات.
نأتى بعد ذلك للجيل «زد». وثمة تضارب فيما يتعلق بعام ميلاد أبناء هذا الجيل. فالبعض يحدده بـ1993، والبعض بـ1997، والبعض بـ2000، أما نقطة النهاية فيه فتتحدد فى رأى البعض بعام 2005، وفى رأى آخر بعام 2010. هذا الجيل هو جيل الشباب الذى نبت بعد أن أصبحت التكنولوجيا السيد الأول للحياة المعاصرة، ويرى علماء الاجتماع أن من سمات هذا الجيل الطموح، والمواطنة الرقمية، والثقة بالنفس.
إذا تأملت هذه التصنيفة للأجيال -تبعاً للعامل التكنولوجى- فستجد أن جيل الثمانينات -الجيل «إكس»- يعيش بين بين، البين الأول هو «العالم غير الرقمى»، والبين الثانى «العالم الرقمى». إنه آخر جيل قارئ للمطبوع (كتاب - جريدة)، وأول جيل أدرك وجود التكنولوجيا، أواخر شبابه، لكنها لم تكن متوافرة فى يده، وحين توافرت كان العمر قد جرى به، وباتت التكنولوجيا لعبة فى يد أبنائه (الجيل زد)، وأصبحوا مصدره الأساسى فى فهم عالمها وإدارته.
إنه جيل مشدود للقديم الذى عاش فيه طفولته وشبابه، وعندما وصل إلى مرحلة الرجولة ثم الكهولة، وجد أن أدوات العالم من حوله تتغير، وأن الأدوات القديمة التى يجيد التعامل معها لم تعد ذات قيمة فى الحاضر، أدرك أهمية التكنولوجيا واجتهد فى استيعابها، لكنه لم يستطع أن يلاحق تطوراتها المتسارعة، فوقعت فى حجر الأجيال التالية له بدرجة أعلى من السلاسة، وهى الأجيال التى يعتبرها جيل الثمانينات أكثر قدرة على التواؤم مع التحولات التكنولوجية، وأكثر احترافية فى استخدام أدواتها، لكنها فى نظره أيضاً أجيال لا تملك كفاءته فى إنتاج المحتوى، بفضل التكوين ومحطات الرحلة.