حالة «نكد»

حالة «نكد»

حالة «نكد»

 العرب اليوم -

حالة «نكد»

بقلم: د. محمود خليل

كلمة «نكد» وردت فى القرآن مرة واحدة، والله أعلم. وهى كلمة ملفتة، تلخص حالة إنسانية شديدة التركيب والتعقيد.

مؤكد أنك سمعت ذات مرة زوجة تصف زوجها بـ«النكدى»، أو زوجاً يصف زوجته بـ«النكدية»، وقد يستخدم الوصف خارج هذا السياق عند وصف الصديق أو الجار أو زميل العمل أو رئيسه وغير ذلك.

عندما ترتبك أوضاع الأفراد والمجتمعات فتحاصرهم الحوادث المفجعة، أو الجرائم الموجعة، أو تضطرب أمور معيشتهم، فعادة ما يصفون الحالة العامة بأنها «حالة نكد». انظر على سبيل المثال حال الناس وهم يتابعون الجرائم العجيبة التى شهدها الواقع منذ جريمة الإسماعيلية (نوفمبر 2021) التى قام فيها عاطل بقطع رقبة آخر وأخذ يتجول بها فى الشوارع وسط ذهول الناس، وجريمة قتل الفتاة نيرة أشرف على يد شاب فى عمرها (يونيو 2022) فى أحد شوارع المنصورة.

مرة واحدة وردت فيها كلمة «نكد» فى القرآن الكريم، لكنها كانت كافية جداً فى وصف الحال التى يمكن أن يصل إليها الفرد أو المجموع خلال فترات زمنية معينة. يقول الله تعالى «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا». أغلب المفسرين ذهبوا إلى أن الآية الكريمة تصف أحوال الأفراد عند تلقى الهدى السماوى، فبعضهم يشبه الأرض الطيبة التى تستقبل المطر فتثمر وتورق وتخرج عطاءها للناس، وبعضهم مثل الأرض الخبيثة التى لا يؤثر فيها مطر ولا رعاية ولا تخرج فى النهاية إلا «النكد».

ظنى أن المعنى داخل الآية يرمى إلى الفرد وكذلك إلى المجموع الذى يعيش فى بلد معين. فكل بلد أرض وبشر، والحياة فى أبسط تعريفاتها هى علاقة بين البشر والأرض، يعيش البشر فوق ترابها ويأكلون منه ما دامت حياتهم، ثم يحتضنهم باطنها بعد الرحيل، وترتيباً على ذلك يمكن القول إن أجواء «الطيبة» أو «النكد» تعكس بالأساس حالة المجموع الذى يعيش فوق أرض يضمّها بلد معين. فإذا وجدت الفرح فى مجموع فأنت فى بلد «طيب»، وإذا لمحت النكد فى الأعين فأنت فى بلد متعب يعيش فيه بشر مرهقون.

الفرح أو النكد ليس مجرد إحساس يعانى منه الفرد، لأن كليهما يتمتع بسرعة انتشار محسوسة، وينتقلان بسهولة من فرد إلى فرد. والبسطاء من أبناء شعبنا الطيب يردّدون أن «الفرح يجر فرحاً» و«النكد يجر نكداً».

ولو أنك تأمّلت على سبيل المثال واقعة مقتل الفتاة «نيرة أشرف» -رحمها الله وألهم أسرتها الصبر- فسوف تجد أن الجانى «محمد عادل» كان يعيش «حالة نكد» مؤكد أن لها أسبابها، وظلت الحالة كامنة بداخله، حتى أتت لحظة انفلتت منه إلى الخارج ففعل فعلته، ليمتد حبل النكد من داخله إلى المحيط الخاص، ثم إلى المحيط العام الذى يعيش فيه، فتسبب فى حالة «نكد عام» ضربت الكثيرين، وقسمت المجموع فى ما بعد إلى فريقين، تبنى كل واحد منهما وجهة نظر معينة إزاء الواقعة، ومع اشتداد حالة الجدل تعمق الحزن داخل الجميع، وازدادت حالة النكد.

فماذا يا ترى السر فى هذه الحالة؟

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة «نكد» حالة «نكد»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
 العرب اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس

GMT 19:51 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 2.7 درجة يضرب الضفة الغربية فى فلسطين

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab