أساطير «ابن طولون»

أساطير «ابن طولون»

أساطير «ابن طولون»

 العرب اليوم -

أساطير «ابن طولون»

بقلم: د. محمود خليل

مسجد أحمد بن طولون هو أبرز وأخطر معلم بشارع الخضيرى. فوق ربوة جبل يشكر قرر الأمير أحمد بناءه ليميز مدينة القطائع التى جعلها عاصمة ملكه عن غيرها من بقاع المحروسة. هو واحد من أقدم وأكبر المساجد فى مصر وأكثرها اتساعاً، بما فى ذلك الجامع الأزهر الذى بُنى فى العصر الفاطمى، أى بعد ما يقرب من قرن من الزمان من بناء مسجد «ابن طولون».

تاريخياً يُعد أحمد بن طولون شخصية شديدة التركيب حين ننظر إليها ونتأمل سيرتها. فقد كان رجلاً طموحاً إلى أقصى حد، وهو أول أمير يتمكن من الاستقلال بحكم مصر عن دولة الخلافة (العباسية حينذاك) بعد الفتح العربى، وهو أيضاً سياسى قدير استطاع أن يمتص غضب الخليفة العباسى من مشروعاته الاستقلالية من خلال نفحه بالهدايا والعطايا والمال.

كانت الأساطير جزءاً لا يتجزّأ من تاريخ أحمد بن طولون حتى خلال حياته. فقد ارتبط ثراؤه بحكاية رواها «ابن إياس» تقول إنه عثر على كنز من كنوز الفراعنة، كان من الضخامة بحيث أمر الأمير بتعبئته فى شكائر كبيرة تحمل على ظهور الخيل. ويشير «ابن إياس» إلى أن الأمير كان مغرماً بالبحث عن الدفائن الفرعونية، وجعل هذا الأمر حكراً على الدولة ومنع الأهالى منه، وذهب إلى أن ثروته قُدّرت بعد وفاته بعشرة آلاف ألف ألف دينار (يعنى حوالى 10 مليارات دينار)، وعلى ما فى هذا الرقم من مبالغة إلا أنه يمنحنا مؤشراً على الثروة الكبيرة التى اقتناها «ابن طولون» بعد 12 عاماً من الحكم بدأها وهو لا يجد ما يسد رمقه.

سطور الحكايات التى اشتملت عليها كتب التاريخ وجدت صداها لدى الأجيال المتعاقبة من المصريين الذين عاشوا فى شارع الخضيرى وغيره من الشوارع المحيطة بمسجد «ابن طولون». وما أكثر ما تسمع من أساطير رواها الآباء والأجداد حوله. فارتباط عصر الأمير بالمال الوفير، ثم حالة الفقر التى عاشتها مصر بعد زوال دولته جعلت الكثيرين يتساءلون أين ذهبت الثروة الكبرى؟. أنشأ البعض أسطورة تقول إن ابن طولون أخفى ثروته فى رؤوس عدد من العرائس التى تزين السور العالى لمسجده الممتد، وإنها ما زالت قابعة بها حتى الآن. تساءل الناس أيضاً عن السر فى انصراف أهالى السيدة زينب عن الصلاة فى مسجد «ابن طولون» المشهور باتساعه، وميلهم إلى الصلاة فى مسجد الخضيرى أو مسجد صرغتمش المقابل له؟ واخترعوا إجابة أسطورية للسؤال ملخصها أن إحدى سيدات أهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، دعت عليه بانقطاع الصلاة فيه، حين شبهه البعض بمسجد النبى وتباهوا باتساعه.

الأسطورة مثّلت قدراً ارتبط بحياة أحمد بن طولون ورافقته بعد مئات السنين من رحيله، عاش الرجل بشخصية قلوقة، ميالة لى العزلة والتأمل، أنشأ لنفسه خلوة كان يعتزل الناس فيها لأيام، تقفز فى ذهنه الأسئلة فيرسل إلى مشايخ عصره ورهبان الأديرة، فيسألهم ويحاول الوقوف منهم على إجابة. وما أكثر ما احتار فى الإجابة عن السؤال الأزلى الأبدى: هل الإنسان «المسير بقدر الله» محاسب على ما تسوقه إليه الأقدار من قتل وظلم للعباد؟.

عاش أحمد بن طولون محبوباً من المصريين البسطاء الذين شغلتهم أمور الاقتصاد والمعايش، التى يسرها الأمير لهم، عن أمور السياسة. وعندما علموا بمرضه انزعجوا انزعاجاً شديداً ولما اشتد المرض عليه هرعوا إلى الصحارى -كما يصف ابن إياس- وفعلوا مثلما يفعلون فى الاستسقاء، فخرج الناس حفاة وعلى رؤوسهم المصاحف، وخرج اليهود وعلى رؤوسهم التوراة، وخرج المسيحيون وعلى رؤوسهم الأناجيل، وخرج الأطفال من المكاتب وعلى رؤوسهم الألواح، وخرج سائر العلماء والصلحاء وهم يدعون الله تعالى له بالعافية والشفاء، لكن من ذا الذى يقدر على منع الأجل حين يجىء.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أساطير «ابن طولون» أساطير «ابن طولون»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab