«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»

«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»

«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»

 العرب اليوم -

«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»

بقلم: د. محمود خليل

آية كريمة فى القرآن الكريم تكشف لك عن صنف من البشر ما أكثر ما تجد نماذجه تتسكع من حولك، يقول الله تعالى فيها: «لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».

يذهب المفسرون إلى أن هذه الآية من سورة «آل عمران» تصف حال المنافقين الذين كانوا يتخلفون عن مصاحبة النبى، صلى الله عليه وسلم، فى غزواته، وما إن يعد منها حتى يتقدموا إليه بالاعتذارات، حتى يحمد ويشكر الناس فى مواقفهم.

معادلة تحقيق الأشياء من لا شىء تروق لمن تربوا على خصال النفاق. وهذا الصنف من البشر لا يمتلك القدرات التى تؤهله لتحقيق إنجازات معينة، أو لا يملك الإرادة التى تحركه نحو السعى، لكنه طامع فى الحياة أشد الطمع ويريد أن يقبض بيديه على كل شىء.

المسألة ترتبط بالرغبة فى الاستحواذ على نعم الحياة، بغض النظر عن مستوى الاستحقاق لها.

بعض المشاهير فى الماضى والحاضر حازوا شهرتهم بأشياء لم يفعلوها بأيديهم، بل استغلوا فيها جهد غيرهم والتهموه بأبخس الأثمان، ليحولوه بعد ذلك إلى أكاليل من الغار توضع فوق رؤوسهم، وليسمعوا مواويل المدح التى تتحدث عن قدراتهم العبقرية وأفكارهم اللوذعية، التى لا يستحقون حرفاً منها.

يظل هؤلاء سادرين فى محبة أن يحمدوا بأشياء لم يفعلوها ويفرحون بما حصدوه من جهد غيرهم، ويظنون بمرور الوقت أنهم أتوه بأيديهم. وكذلك الإنسان الذى يجيد الكذب على نفسه، إنه يظل يكذب حتى يصدق نفسه فى النهاية.

هناك آية أخرى فى القرآن الكريم تقول: «أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً»، وهى تعبر عن تلك الحالة بالضبط، الحالة التى يبالغ فيها الإنسان فى الكذب على نفسه حتى يصدقها. الشخص فى هذه الحالة يعمل العمل السيئ، لكن الشيطان يزينه له، ويخدعه بصرياً ليرى السيئ حسناً، والقبيح جميلاً، والجنون عقلاً. نقطة التزيين تلك هى النقطة التى تكتمل عندها دائرة الكذب على النفس حتى تلف صاحبها من جميع الأنحاء، ويبيت مستسلماً لهذه الحالة كل الاستسلام.

الحياة مليئة بالفرص، لكنها فى المقابل تحتشد بالتحديات التى يمكن أن تواجه من يغتنم الفرصة بغير وجه حق فتعرّى أوضاعه أمام الناس.

زمان كان أنور السادات يقول إن الإنسان يجب ألا يبالغ فى أحلامه لأنها قد تتحقّق، وهو لا يعلم حين تتحقق هل سيكون أهلاً لحمل مسئولياتها أم لا. يظن البعض أن المكانة وحدها تفرض على المحيطين بهم ضرورة أن يكيلوا لهم المديح حتى لو لم يفعلوا شيئاً. ومثل هؤلاء كمثل عبدالله بن أبى بن سلول، رأس النفاق فى المدينة المنورة، حين ظن أن المكانة التى تمتع بها هو والمنافقون قبل هجرة النبى كافية كل الكفاية لتدفع الناس إلى أن يحمدوا لهم قعودهم وكسلهم عن السعى، لمجرد أنهم أصحاب مكانة، إنها حالة من حالات الخداع والكذب على النفس لا بد أن تطبل فى النهاية فوق رأس صاحبها، وذلك ما حدث مع المنافقين بالضبط.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا» «وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - طائرة مساعدات إماراتية عاجلة لدعم لبنان بـ100 مليون دولار

GMT 08:54 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية
 العرب اليوم - منة شلبي تعلن رأيها في الألقاب الفنية

GMT 22:38 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل مصريين حادث إطلاق النار في المكسيك

GMT 04:42 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مفكرة القرية: تحصيل دار

GMT 06:26 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ذبحة صدرية تداهم عثمان ديمبلي

GMT 05:00 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

خروج بلا عودة

GMT 18:55 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

3 قتلى و3 جرحى نتيجة انفجار ضخم في حي المزة وسط دمشق

GMT 09:22 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الحوثيون يعلنون استهداف تل أبيب بعدد من طائرات الدرون

GMT 22:23 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

18 قتيلا بضربة إسرائيلية على مقهى في طولكرم

GMT 15:25 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تقرر ضرب هدف استراتيجي في إيران

GMT 08:13 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

18 شهيدًا في غارة للاحتلال الإسرائيلي على مخيم طولكرم

GMT 13:05 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

كوريا الجنوبية تستعد لإعصار "كراثون"

GMT 09:21 2024 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تقصف 5 بلدات في جنوب لبنان بالمدفعية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab