التربية «الميكس»
أخر الأخبار

التربية «الميكس»

التربية «الميكس»

 العرب اليوم -

التربية «الميكس»

بقلم - محمود خليل

سمة ثالثة عجيبة تجدها فى الجيل الذى نهض بتربية مواليد الستينات، تتمثل فى الرأس المنقسم ما بين عصرين.. وهو ما أدى بأفراده إلى العمل من خلال كتالوجين فكريين لا يخلوان من تناقض.

آباء وأمهات أطفال الستينات والسبعينات انتموا إلى عصرين: العصر الملكى الذى ولدوا وعاشوا طفولتهم وشبابهم فيه، والعصر الجمهورى الذى انطلق عام 1953 بعد قيام ثورة يوليو بعام. ويمكنك أن تقرر ذلك أيضاً بالنسبة لجيل المعلمين الذى تولى أمر تربية أطفال الستينات والسبعينات فى المدارس حتى دخول الجامعة.

رأس العديد من الآباء والمعلمين كان منقسماً بين الحنين للعصر الملكى البائد، والولاء للعصر الجمهورى الجديد. كنت تجد بعضهم يحدثك عن أيام الملك -بل ويصفها أحياناً بأيام الإنجليز- حين كان كل شىء نظيفاً ومنضبطاً، والأسعار رخيصة، وجنيه واحد قادر على تلبية احتياجات أسرة كاملة على مدار الشهر. قليلاً ما كان يشير بعضهم إلى جو الحرية والتعددية الذى ساد عصر الملك، لأن السياسة لم تكن تعنى الناس كما يعنيهم أمر الاقتصاد.

فى المقابل لم يكن بمقدور أصحاب الحنين إلى الملكية أن يغفلوا العديد من المكتسبات التى منحها لهم العصر الجمهورى، مثل الأرض التى وزعت على الفلاحين، والحقوق التى نالها العمال بقوانين يوليو الاشتراكية، والمساكن التى خفضت «اللجان» أجرتها، وبطاقات التموين، والتعليم المجانى، والتزام الدولة بتعيين الخريجين وغير ذلك.

رأس «ميكس» يحمل الشىء والعكس هو من تولى تربية أطفال الستينات والسبعينات، يتراوح بين الحنين إلى عصر الملك، ويستجيب فى الوقت نفسه للشائعات التى انتشرت بعد رحيله حول فساده وولعه بالحريم والخمر والميسر، وهى الشائعات التى اختلطت فيها الحقيقة بالأوهام، والولاء للثورة والاحتفاء بما أحدثته فى الواقع من تحولات اجتماعية واقتصادية، وفى الوقت نفسه العتاب عليها فى خلق شعب كبير فقير، تدعوه باستمرار إلى التقشف، وما أكثر ما كان يعتب البعض على كلمة «محمد نجيب» إلى الشعب حين اتخذت الحكومة قراراً بخفض وزن رغيف العيش، ودعاهم فيها إلى اعتبار النقص فى الوزن لقمة رماها المواطن للقطة.

صراع من نوع آخر عاشه أطفال الستينات والسبعينات يتعلق بالجيل الجديد من الشباب (الأخوال والأعمام الصغار وغيرهم) حيث تحمسوا فى أغلبهم للثورة على الأقل حتى نكسة 67، وشكلوا فى مواجهة جيل الآباء المخضرم (المنتمى إلى عصرين) جبهة رفض لكل ما هو ملكى وتأييد لكل ما هو جمهورى، ثم انقلب هذا الجيل على كل شىء بعد النكسة وعاش بالإحباط فى الداخل، أو بحلم الهجرة إلى الخارج.

العكوسات أو التعاكسات التى واجهها أطفال الستينات والسبعينات فى البيت وجدوها أيضاً فى المدرسة، وأضيف إلى ذلك فروق فى القدرات ما بين المعلمين المخضرمين الذين تعلموا فى العصر الملكى، والمعلمين الشباب الذى تخرجوا فى العصر الجمهورى، لصالح الفريق الأول بالطبع.

هذه الازدواجية فى روافد التربية والبناء الفكرى والوجدانى لأطفال الستينات والسبعينات، دمغت أغلب أفراد جيل الثمانينات بنوع من «الشيزوفرينيا» أو الفصامية، تجد ذلك فى مواقفهم المتراوحة، يتحمسون لعبدالناصر وضده، يحتفون بالسادات فى حرب استرداد الأرض ويهاجمونه فى السلام الذى أكمل به مشواره فى إعادة سيناء كاملة، يحنون إلى الصور والفيديوهات التى تسجل أيام الملك كما حكاها لهم الآباء والأجداد، ويسخرون فى الوقت نفسه من تحويل الجمهوريات إلى ملكية وراثية، يرحبون بالنموذج الغربى وأدواته فى الحياة، ويعادون أيضاً سياسات الولايات المتحدة وأوروبا فى الشرق الأوسط، يتراوحون بين الانشداد إلى المستقبل والحلم بالعودة إلى الماضى.. وهكذا.

التربية الميكس تؤدى إلى إنشاء عقل ووجدان ميكس.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التربية «الميكس» التربية «الميكس»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab