الثمانينات وشجرة اليأس

الثمانينات.. وشجرة اليأس

الثمانينات.. وشجرة اليأس

 العرب اليوم -

الثمانينات وشجرة اليأس

بقلم - محمود خليل

رحلة جيل الثمانينات فى التعليم والعمل بدأت بالتزامن مع واقعة استشهاد الرئيس أنور السادات وتولى حسنى مبارك رئاسة الدولة عام 1981.

مكث عبدالناصر فى السلطة 16 عاماً، ومن بعده السادات ما يقرب من 11 عاماً، أما «مبارك» فقد طال زمن بقائه على كرسى السلطة حتى عام 2011، أى 30 عاماً بالتمام والكمال. ثلاثة عقود متصلة، كان لكل عقد منها ملمح أساسى ميزه عن غيره. فعقد الثمانينات كان عقد «الأزمة» التى كادت تعصف بالاقتصاد المصرى، وعانى نظام حكم «مبارك» كثيراً جراء ضغوطها، أما عقد التسعينات فهو عقد «الخصخصة»، حيث انطلقت عجلتها ودهست الكثير من الأشياء والأفراد فى طريقها، أما العقد الأخير (الأول من الألفية الجديدة) فكان عقد «الانسحاب»، حين بدأت قبضة الرئيس تخف وظهرت رؤوس أخرى إلى جواره داخل مراكز لصناعة القرار، ليس من منطلق ديمقراطى بالطبع، بل بفعل التعب.

دعنا نتناول بشىء من التفصيل تفاعلات جيل الثمانينات مع العقد الأول من تجربة الرئيس مبارك. لم يعتن هذا الجيل (الشاب وقتها) بتخمين توجه الرئيس الجديد، فى حين انشغل كل من جيل الستينات والسبعينات بذلك، وتساءلوا: هل الرئيس الجديد ناصرى أما ساداتى؟. وقد أجاب الرئيس عن السؤال حين طرحه عليه أحد الصحفيين الأمريكيين وأجاب: اسمى حسنى مبارك. تأمّل جيل الثمانينات خيراً من هذه الإجابة، وتعامل بدرجة من الرضاء مع السلطة الجديدة، رغم ارتباطه أكثر بعصر السادات، نتيجة وعيه بالأحداث من حوله خلال مرحلة حكمه، خلافاً لحقبة الستينات التى مثلت بالنسبة له مرحلة الطفولة المبكرة (غير الواعية).

أجاب «مبارك» عن السؤال، لكن الواقع كان يقول إنه يريد استكمال خط «السادات»، وهو أمر لقى نوعاً من الترحيب لدى القطاع الساداتى من جيل الثمانينات، وقوبل بكثير من الامتعاض من جانب القطاع الناصرى من أبنائه، لكن ثمة قطاعاً ثالثاً اصطف فيه بعض أفراد هذا الجيل وهو قطاع الإسلاميين.

كانت جماعة الإخوان فى ذلك الوقت موجودة على الساحة -تحت قيادة المرحوم عمر التلمسانى- تملأ الشارع والنقابات والجامعات والجوامع صخباً، وتقدم طرحاً مختلفاً فى فهم ما حدث بعد 1952، وهو طرح لقى شعبية لدى قطاع من جيل الثمانينات، وعاداه القطاع الأكبر منه، لكن يبقى فى كل الأحوال أن حالة اللخبطة زادت فيما يتعلق بفهم الواقع، واختيار خط السير فيه، بالنسبة لشباب يستقبلون واقع حياة له تعقيداته، ويحتشد بالمشكلات التى تصعّب العيشة.

الحصول على وظيفة بات صعباً، والغلاء يطحن الصغار ممن يبدأون حياتهم العملية، ويطمحون إلى الزواج وتكوين أسر وفتح بيوت، والمرتب لا يكفى، والحصول على شقة بخلو أمر بالغ الصعوبة على المبتدئين، فما بالك بالشقة التمليك. فهم الإخوان هذه المشكلة وبدأوا يطرحون حلولاً لهذه المشكلات، تدور جميعها حول ضرب أو تسييل فكرة التكلفة، وقد وجد البعض فى ذلك حلاً، فى حين لم يرض كثيرون بذلك، خصوصاً من يملكون نوعاً من الإحساس بالذات والثقة فى القدرة على التحقيق، لكن الطريق كان شاقاً، بل كان شاقاً للغاية، والشواهد لا تبشر.

إنها بذرة اليأس التى زرعت فى وجدان هذا الجيل وهو يستقبل الحياة العملية فى الثمانينات، وأثمرت بعد ذلك نوعاً من «البؤس» الذى كسا فيما بعد وجوه الكثير من أفراده. فصعوبة الحياة، وارتفاع متطلبات المعيشة، وعدم وجود فرص حقيقية لتحقيق الذات، وضعت بذرة اليأس داخل كثيرين من أفراد هذا الجيل فى مرحلة مبكرة من حياتهم، ورعتها السلطة بعد ذلك بخطابها «الموظفينى» اليائس، حيث دأبت على تكرار أن مشكلاتنا لن تحل، لأننا ببساطة السبب فيها، ومن الصعب أن يكون المتسببون فى المشكلة جزءاً من الحل.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثمانينات وشجرة اليأس الثمانينات وشجرة اليأس



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab