الإنسان أصله أرنب

الإنسان أصله أرنب

الإنسان أصله أرنب

 العرب اليوم -

الإنسان أصله أرنب

بقلم - محمود خليل

فى رواية «الوارثون» يدور نقاش بين مؤلفها خليل حسن خليل، وأحد الشباب من تلامذته، يعتب الشاب على أستاذه الذى ألقى بنفسه فى مأزق كبير بسبب كلامه فى الأوضاع العامة (أواخر الستينات)، يسأله الأستاذ: وماذا كنت أفعل؟ فيجيب الشاب: تهبر لك هبرة تؤمّن بيها حياتك وحياة أولادك وأولاد أولادك. إنه الفارق بين جيلين كانا يعيشان الفترة الزمنية نفسها، يفكر أولهما فى تصحيح الأوضاع وإصلاحها، ويتبنى ثانيهما منهج «الهبر».

علمياً يختلف الأفراد فى أساليب تلقيهم وفهمهم للرسائل التى يستقبلونها من العالم المحيط بهم. على سبيل المثال الرسالة نفسها التى يتلقاها 10 أفراد من وسيلة إعلام يمكن أن تجد لها 10 فهوم، فكل فرد يفهمها بخلفيته المعرفية وتركيبته النفسية وموقفه من الواقع. الرسالة واحدة لكن أساليب التلقى تختلف. لهذا السبب تلاحظ بين نظرة «حسن خليل» ونظرة تلميذه لكيفية التعامل مع رسائل الواقع.

إذا تركت هذا المشهد الذى يدور أواخر الستينات، وقفزت فوق الحقب التالية حتى تصل إلى العقد الأول من الألفية الجديدة، فسوف تجد أن حياة المصريين بدأت تختلف جملة وتفصيلاً، خصوصاً على مستوى الرسائل التى تصل إلى أهالى المحروسة حول مسألة الفساد وما يرتبط به من هبرات.

كان الفضاء يعج بالعديد من القنوات التليفزيونية، لو جمعت عليها المدونات ومواقع الإنترنت المتاحة داخل ساحة الفضاء الافتراضى، ثم أضفت الزيادة المحسوسة فى أعداد الصحف المطروحة على الفرشات فى فضاء الشارع، فسوف تستنتج ملامح الحالة الجديدة التى بات المصريون يعيشون فى ظلها بعد زمن الشح الإعلامى.

قضايا الفساد كانت تمثل الرسالة الأهم والأبرز داخل النوافذ الإعلامية الجديدة. فالتعددية تخلق حالة شرسة من المنافسة دفعت كل نافذة إعلامية إلى محاولة السبق عبر فضح إحدى قضايا الفساد، وهو ما كان يرفع منسوب الاهتمام بها والتعرض لها. لم يكن الإعلام التقليدى أو الجديد يختلقان القضايا بالطبع، لأن الواقع كان شاهداً عليها، لكنه أبرزها وسلط الضوء عليها لتغطى على غيرها فتلقى أهالى المحروسة رسالة تقول: «الفساد هو الحالة الطبيعية للإنسان»، وأن «الإنسان أصله فاسد»، استقبل قطاع من جيل الكبار الرسالة بنوع من الامتعاض والتحم مع غيره أمام حائط المبكى على ما أصاب الناس فى ذلك العصر، فى حين انخرط قطاع من الشبان فى عَجَلة الفساد التى دارت فى اتجاهات عديدة.

فهم الصغار الرسالة كتعبير عن حالة واقعية، وليس استثنائية، وبات فساد الكبار موضوعاً أساسياً من موضوعات قعداتهم، يتفاخر كل منهم بما يملك أبوه من سيارات أو فيلات أو قصور أو شاليهات أو براندات، وكيف يكسب الملايين من صفقات يعقدها هنا وهناك، أولاد الأغنياء وأولاد المتوسطين وأولاد الفقراء شغلهم موضوع الثراء السريع، وبدأوا يلتقطون العديد من الخيوط من الرسائل التى يستقبلونها من العالم من حولهم، تتعلق ببعض الكبار الذين يستغلون نفوذهم أو وظائفهم فى حصد الملايين، بل المليارات، عبر نهب الأراضى، أو المال العام، أو أموال البنوك، أو الصفقات المشبوهة.

رسوخ فكرة الفساد لدى الأجيال الجديدة التى ظهرت على مسرح الحياة فى مصر بدءاً من الألفية الجديدة أدى إلى تبنِّى ما يمكن وصفه بنظرية «الإنسان أصله أرنب». فالحياة بالنسبة له عبارة عن قفزات تعبِّر عن حالات النمو الفجائى، وأبعد ما تكون عن فكر السلحفاة المرتكز على النمو البطىء الذى يثمر تحقيقات متواضعة بعد زمن طويل.

الرغبة فى القفز والتحقيق السريع مثَّلت واحداً من أهم العوامل التى تفسر لك ما حدث للمصريين منذ مطلع الألفية الجديدة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان أصله أرنب الإنسان أصله أرنب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:16 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل
 العرب اليوم - ميمي جمال تكشف سبب منع ابنتها من التمثيل

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab