غدر الجركسي وذكرى الراحلين

غدر الجركسي.. وذكرى الراحلين

غدر الجركسي.. وذكرى الراحلين

 العرب اليوم -

غدر الجركسي وذكرى الراحلين

بقلم: د. محمود خليل

«أنت شارد يا آدم.. وأمك تريد مصلحتك.. الشباب في سنك متزوجون ولهم أطفال.. لا تكن عنيداً واسمع كلامها».. رن صوت الأب «سليم» في أذن «آدم الصغير»، دون أن يرى صورته.. ثم ظهرت له صورة جده آدم يقول له: «الإنسان ضعيف أمام وصية الراحلين عن الحياة.. تظل كلماتهم تدوي في الأذن التي سمعتها حتى تمسي واقعاً يمشي على قدمين».

تعب «مصطفى» من الأسفار بحثاً عن عظام أبيه، واستبدل ذلك بالجلوس أمام ماء النيل يناجيه ويسأله بحق من أجراه من السماء أن يدله.. باعدت السنون بينه وبين العام الذي توفي فيه أبوه «الترجمان».. كل عام كان يمر يزيد في يأسه واستسلامه.. حتى عمليات التأديب التي يقوم بها العربان ضد الترك والمماليك لم تعد تبهجه كما كان في السابق، عاد إلى البيت بعد واحدة من جلساته في «مناجاة النيل»، فوجىء بأمه وحولها بعض جاراتها.

بادرته إحداهن قائلة:

تعبت فجأة.. لكنها بخير الآن.. تنصرف الجارات ويجري مصطفى على أمه:

- مصطفى (بقلق): ماذا بك يا أمي؟.

- الشامية: الحمد لله على كل حال.. افتكاره رحمة.. اسمع يا مصطفى آن الأوان لتعود عما في رأسك.

- مصطفى: حاضر يا أمي.. ارتاحي.. لا تتحدثي.. فالكلام يتعبك.

- الشامية: لا أجد نفسي مرتاحة وأنا أتكلم كما أشعر الآن.. اترك العمل مع "العربان" واتق الله في نفسك وغيرك.

- مصطفى (بتردد): لكن يا أمي.. إنهم يؤدبون الترك والمماليك قتلة أبي.

- الشامية: قتلة أبيك ذهبوا إلى حال سبيلهم.. وأنت تساعد في قتل إنسان لم يرتكب في حقك جريرة.

- مصطفى: كل المماليك والترك ظلمة يا أمي.

- الشامية: العربان أيضاً يظلمون.

- مصطفى: يظلمون ظالمين.

- الشامية: ويظلمون أيضاً أبرياء.. يقطعون الطريق على الحجيج.. وينهبون أموال التجار.. صدقني يا ولدي كل من ينسى ربه يموت قلبه.. ومن يموت قلبه يظلم.. ويظلم نفسه يا ولدي أول ما يظلم.. استغفر ربك يا مصطفى.. استغفر ربك.

- مصطفى: أستغفر الله العظيم.

- الشامية: عدني يا مصطفى أن تفوض أمرك إلى الله.. وأن تتزوج.. عدني.

- مصطفى: أعدك.. أعدك يا أمي.

ماتت الأم الحانية على ولدها.. والمخلصة لزوجها حتى بعد أن رحل إلى الله.. عاشت تطوي القلب على حزنها.. وجعلت خصومة قلبها لمن غدروا بزوجها مع الله.. ليس سواه.

أخلص مصطفى لوصية أمه.. فتزوج من «عالية» ابنة أحد تجار «الأقمشة» الكبار.. وصفّى تجارة «البارود» وتحول إلى تجارة «التوابل»، وبرع فيها، وزاد رزقه.

كانت زوجته قريبة من نفسه فأفضى لها بحكاية أبيه وكيف مات غدراً فتعاطفت معه، ونصحته بأن ينسى فإن لم يستطع فليتناس.

تدفقت أيام حياة مصطفى الجديدة سعيدة رخية، لم يعد يهتم بأمر المماليك ولا الترك، مرة واحدة ثارت عليه الذكريات الحزينة، وكان ذلك أيام الثورة العرابية، حين استمع إلى ما يحكيه الأهالي عن ظلم عثمان رفقي الجركسي وتعصبه لبني جنسه من المماليك ضد الضباط المصريين.

تذكر غدر الجركسي عز الدين الألفي وتواطؤه مع سليمان باشا ضد أبيه.

كلما كان يسمع اسم عثمان رفقي الجركسي كان يردد أمام من حوله: «ذرية بعضها من بعض»، وفرح كثيراً يوم عزله، وفرح أكثر يوم تولى أحمد عرابي زعيم الفلاحين المصريين نظارة الجهادية.

أشياء كثيرة نساها مصطفى لحظة أن رأى ولده الأول «آدم»، أراد أن يسميه «حسن» لكن زوجته استأذنته في أن تسميه على اسم أبيها الذي رحل قبل شهرين من مجىء ولدها إلى الدنيا فاستجاب لها.. لم يكن بحاجة إلى من يذكره بما لا ينساه.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غدر الجركسي وذكرى الراحلين غدر الجركسي وذكرى الراحلين



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري
 العرب اليوم - لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025
 العرب اليوم - زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعليق الرحلات من وإلى مطار دمشق حتى الأول من يناير

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:53 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab