عالم «الأنصاص»

عالم «الأنصاص»

عالم «الأنصاص»

 العرب اليوم -

عالم «الأنصاص»

بقلم - د. محمود خليل

إذا كنت موهوباً أو كفئاً في شىء فعليك ألا تبين ذلك أمام رؤسائك الأعلى منك، وإلا وضعت بيدك كلمة النهاية في مسيرتك المهنية معهم، وقطعت عيشك بيدك.يتفق الكثيرون من أبناء زماننا على هذه القاعدة، ويرون أن فرص "أنصاف الموهوبين والمتعلمين" أكبر بكثير من أصحاب المواهب الحقيقية والعلم والتعليم الحقيقي.

فالأخيرون يخيفون الأعلى منهم، لأن وجودهم يكشف المستوى الحقيقي لمن فوقهم (كأنصاف)، وبالتالي يكون من الأفضل التخلص منهم وإبعادهم عن المشهد. وللمصريين مثل شهير يقول: "الأنصاص قامت والقوالب نامت".

ليست هذه الآفة ابنة الزمان الذي نعيش في ظلاله، بل تجدها منغرسة في جوهر الثقافة المصرية، ربما تكون منتشرة بدرجة أكبر في عصرنا الحاضر، لكنها كنات موجودة في العديد من العصور الأخرى بنسب ومقادير متفاوتة.

ولو أنك تصفحت مذكرات الراحل النبيل "الفنان نجيب الريحاني"، فستجد بين سطورها قصة طريفة تقدم لك نموذجا للكيفية التي يمكن أن تؤدي فيها الموهبة المتفجرة إلى ضياع صاحبها.

الواقعة حدثت عام 1908، عندما بدأ الشاب "نجيب الريحاني" رحلته في طرق أبواب المسرح، حين انضم إلى فرقة "أمين عطا الله" التي أسسها شقيقه "سليم عطا الله"، بمرتب شهري 4 جنيه، وشارك في بطولة مسرحية "شارلمان الأكبر".

وفي مشهد جمع بينه وبين سليم عطا الله في ختام المسرحية أجاد "الريحاني" كل الإجادة، وأدى كموهوب كبير، وتمكن من انتزاع إعجاب المشاهدين، فصفقوا له كثيراً، وأخذوا يتحدثون عن الممثل الجديد الذي تفوق على بطل المسرحية "سليم عطا الله".

حينذاك كان "الريحاني" في بداياته الفنية، لم تعركه الحياة بعد، فطار من الفرح إزاء هذا الإطراء والمديح والإعجاب.

في اليوم التالي طلبه سليم عطا الله، فقال "الريحاني" في نفسه": لابد وأن الرجل سيكافأني وسيرفع أجري، تعبيراً عن إعجابه بأدائي، ودوري في دعم شعبية الفرقة.

دخل الفنان الموهوب إلى مدير الفرقة منتفخاً بالأمل، فإذا به يسمع إحدى الجمل الموجعة المأثورة في ذلك الزمان: أنا متأسف جدا يا نجيب أفندي لأن الفرقة استغنت عنك!لقد غار الكبير من الموهبة الصغيرة المتفتحة، فاستبعده، ظنا منه أنه بذلك يبعد عن طريقه منافساً قد يأخذ موقعه، ولم يفهم أن الموهبة ستفرض نفسها في كل الأحوال، وحتى إذا دهمها الإحباط وانسحبت، فإن ذلك لا يعبر عن نجاح لمن وضع العراقيل في طريقها، لأن من لا يحترم الموهبة ولا يقدرها محكوم عليه بالفشل في النهاية.المسألة إذن قديمة.. فمنذ زمن طويل "وأنصاف المواهب" و"محدودو القدرات" يحتلون مواقع الصدارة، ويزيحون من طريقهم أصحاب المواهب الحقيقية والقدرات المتميزة، ولست بحاجة إلى تذكيرك بأثر ذلك على الأداء العام، وكم الرداءة الذي ينسج ملامحه في العديد من المجالات.لقد نجا "نجيب الريحاني" بإيمانه بموهبته ونفسه الصلبة المقاتلة، لكن مؤكد أن آخرين من الموهوبين في عصره، وفي عصور أخرى، دهستهم عجلة الإحباط واليأس، فاطبقوا جوانجهم على موهبتهم، وتاهوا في ظلمات "عالم الأنصاص" وعداوة "أبناء الكار الواحد".

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عالم «الأنصاص» عالم «الأنصاص»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab