«الحصان» والود المصنوع

«الحصان».. والود المصنوع

«الحصان».. والود المصنوع

 العرب اليوم -

«الحصان» والود المصنوع

بقلم: د. محمود خليل

تمكّن محمد على من خداع المملوك عثمان بك البرديسى بلعبة «التآخى بالدم»، فقرّبه وآخاه، ثم أوقع به وباعه للشعب، بل وانطلق يطارده حتى يأخذ بثأر الشعب الغاضب منه، كان «البرديسى» يريد الاستقواء بمحمد على وعساكره على غريمه محمد بك الألفى، وكان محمد على يريد الإيقاع بين «البرديسى» والأهالى من ناحية، وضرب كل من «البرديسى والألفى» بعضهما ببعض من ناحية أخرى.

عاد «الألفى» من إنجلترا وعلم بما حدث لجنوده على يد «البرديسى»، وما حدث للبرديسى وجنوده على يد محمد على، فقرر الاختفاء لبعض الوقت. تحرك إلى «بلبيس» وهناك اختبأ عند أحد الأعراب من أصدقائه واسمه «عشيبة».

وكانت الشائعات تنتشر فى ذلك الوقت بأن «الألفى» قد مات، وكان هناك من يردد بأنه لم يمت، بل تم القبض عليه.

وليس من المستبعد أن يكون محمد على وراء ما كان يتردد فى حوارى مصر وأزقّتها حول «الألفى» فى ذلك الوقت.

ظل الوضع غامضاً على هذا النحو حتى أُعلن أن «الألفى» فى طريقه إلى القاهرة، فحضرها ليلاً ودخل بيت الشيخ الشرقاوى، ثم سار بصحبته هو وعمر مكرم (النقيب) إلى دار الوالى، الذى استقبله وفى صحبته محمد على (لم يكن قد صدر فرمان تعيينه والياً بعد)، قابله الأخير بالترحاب، وأهدى إليه حصاناً.

عاد «الألفى» بعدها إلى أسيوط واستقر فيها، وحاول جمع عساكره المنتشرين فى أنحاء القاهرة، لكن الوالى أبى عليه ذلك، لأنه معادٍ للعثمانية، وليس من المستبعد أن يكون محمد على قد أوعز للوالى بذلك، خوفاً من أن تقوى شوكة «الألفى».

وكان يرى فيه خصماً لدوداً يمكن أن يحول دون طموحاته، لم يأبه «الألفى» بذلك، وأعد العدة وجهز قواته، ثم فاجأ محمد على والوالى العثمانى بالهجوم على «طُرا» والاستيلاء عليها، ومنها سار نحو البساتين، ولم يستطع عساكر الوالى إيقافه، خرج له محمد على بعساكره نحو منطقة البساتين، فلم يجد فيها أحداً، فأخذ يزحف داخلها، حتى فوجئ بالألفى وعساكره يهبطون فوق رؤوسهم، وتم كسر جنود محمد على كسرة كبيرة.

لم يعد أمام محمد على سوى أن يلجأ إلى ما عُرف عنه من حيلة ودهاء، فأخذ يبعث الرسل ويرسل الرسائل إلى «الألفى» ومن معه فى «طُرا»، طالباً عقد معاهدة سلام معهم، ويفهمهم أنه عاجز عن مقاومتهم، وأنه سلم أخيراً لمحمد بك الألفى.

ويبدو أن هذه الحيلة انطلت على معسكر «طُرا»، فأمنوا واستناموا وداخلهم الزهو بأنفسهم، حتى فاجأهم محمد على ذات ليلة بهجوم كاسح -وهم نيام- قاده بنفسه مع 4 آلاف من عساكره.

هرب من جنود «الألفى» من هرب وقُتل من قتل، وانتصر عليهم محمد على نصراً كبيراً.

كلا الرجلين (الألفى ومحمد على) كان «ضرساً» قوياً، لم يكن يسهل على الآخر خلعه.

وكان محمد على -على وجه التحديد- يعلم ذلك جيداً، ويفهم أن ثمة فارقاً بين عثمان البرديسى الطامح بلا قدرات، ومحمد الألفى الذى يريد عرش مصر، ويملك القدرات والأدوات التى تمكّنه من ذلك، ولم تنطل عليه حيل محمد على -كما انطلت على البرديسى- وكان لقاء «الحصان الهدية» آخر ما بينهما من ود، كان الطرفان يعلمان أنه ود مصنوع.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحصان» والود المصنوع «الحصان» والود المصنوع



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab