متى تنتهي المحنة

متى تنتهي المحنة؟

متى تنتهي المحنة؟

 العرب اليوم -

متى تنتهي المحنة

بقلم: د. محمود خليل

متى تنتهي هذه المحنة؟.. سأل آدم الصغير جده.. لم يجبه.. فظل يكرر: متى.. متى؟.. نظر الشيخ إليه نظرة نفذت إلى داخله ثم قال:"كل بداية ولها نهاية.. ونقطتا البداية والنهاية في علم الله.. إنسان لا يعرف متى يأتي إلى الدنيا ولا متى يغادرها جدير بأن يتعلم أنها لا تساوي.. وأن ما بعدها خير وأبقى.. "وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون".. "وللآخرة خير لك من الأولى".. سمعت هذه الآيات من "الترجمان" ذات مرة.. وكأني أسمعها للمرة الأولى رغم أني حافظ للقرآن الكريم.

- الشاب (ضاحكاً): وهل عاصرت جدك الترجمان يا جدي؟

- الشيخ: لقد مات قبل أن أولد بسنين.

- الشاب: فكيف سمعتها منه؟

- الشيخ: قالها فسمعتها.. اسمع أنت أولاً كلمة النهاية في تجربة حسن الترجمان.

سارعت الأسرة العلوية إلى إعلان وفاة الوالي عباس حلمي ومبايعة سعيد باشا والياً على بر مصر.. لم تعرف الرعية أنه قتل.. بل شاع بين الناس أنه كان مريضاً بالصرع ومات بإحدى نوباته.. قبضوا على المملوكين.. ووشى المدير التركي للوالي الجديد بما تحدث به حسن الترجمان عن أن الوالي عباس لن يتمكن من تمرير العرش إلى ولده "إلهامي باشا"، وأن من صالح "سعيد" التخلص منه، فقبضوا عليه هو الآخر.. وقرروا إعدام الثلاثة.

- الشاب: عجيبة.. ألم يقل لهم أنه كان يدافع عن حق سعيد في الحكم.

- الشيخ: قال كثيرا.. وعندما لم يسمعه أحد.. صمت إلى الأبد.

حمل الجانيان والمظلوم في مركب يحيط بهم العسكر.. ولما توسط المركب ماء النيل عند أعمق بقعة فيه.. قام العسكر بإلقاء الثلاثة واحداً وراء آخر.. بدأوا بالمملوكين.. ليعذبوا الترجمان بمصيره القادم بعد ثوان.

أخذ الترجمان ينظر وقد فقد أي قدرة على التفكير أو الإحساس بما حوله.. كل ما تذكره في هذه اللحظة صورة سليمان الحلبي وهو جالس على الخازوق في "تل العقارب" يصرخ من أجل شربة ماء.. وكيف فكر في أن يحضر له طلبه، لكنه جبُن، وأمسك عن الحركة.. صرخة "الحلبي" تضج في أذنه: "شربة ماء.. شربة ماء".. والفرنساوية يتلذذون بعذابه وكأنه وسط الجحيم لا يقضى عليه فيموت ولا يجد يداً تمتد إليه لتخرجه مما هو فيه.قفزت في ذهنه أيضاً صورة عز الدين الألفي المملوك الذي خانه.. وصورة سليمان باشا التركي "مدير قلم الإيرادات" بوجهه المتعجرف العبوس.

سرح في صورة أبيه الذي مات من الطاعون وصور أهل البر وهم يتساقطون صرعى الوباء.

نظر إلى خاتم أبيه المنقوش عليه "محمد رسول الله" والذي خلعه من يده ولبسه يوم مات الأب في وباء الطاعون.. فجأة رأى ابنه مصطفى الأول قتيلاً ومطروحاً على الأرض.. تذكر ولده "مصطفى الثاني" ففاضت عيناه بالدمع دون أن يدري.

غاب عن العالم.. لم يشعر بالأيدي وهي تمتد إليه لتحمله وتقذف به في النهر الذي أحبه وجعله يلتصق بهذه الأرض.. لم يشعر أنه يغوص في الماء.. بل في عالم من النور.. وجد أباه في انتظاره يمد يده إليه.. ظهرت له أمه وهي تناديه فتعجب: ما الذي جاء بها إلى مصر؟.

مات "الترجمان".. واختفى فجأة من حياة زوجته وولده مصطفى وجيرانه بالعطفة التي يعيش فيها.. لم يعلن عن القبض عليه، لم يعثر له على جثة، كل شىء جرى بشكل سريع.. وأصبح الاختفاء الغامض لحسن الترجمان لغزاً كبيراً.

وكما بدأ كل شىء في لحظة.. انتهى في لحظة.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تنتهي المحنة متى تنتهي المحنة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية
 العرب اليوم - نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 العرب اليوم - أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 06:31 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين
 العرب اليوم - ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 03:25 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يعتزم مواصلة الانتشار جنوبي لبنان

GMT 03:17 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يهز إثيوبيا بقوة 4.7 ريختر

GMT 03:24 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الحصبة تتفشى في المغرب 25 ألف إصابة و120 وفاة خلال 16 شهرا

GMT 11:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تتحدّث عن الشخصية التي تتمنى تقديمها

GMT 08:46 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 09:25 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 تعيد تعريف الفخامة بجاذبية جريئة

GMT 08:44 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 08:42 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab