الولد يواجه «الغول»

الولد يواجه «الغول»

الولد يواجه «الغول»

 العرب اليوم -

الولد يواجه «الغول»

بقلم - د. محمود خليل

أول ما أدركه الخديو عباس الثانى أن المصريين لا يميلون فى العادة إلى التفاصيل، ولا يشغلون أنفسهم بها، إنهم يريدون فى الأغلب مجموعة من الشعارات العامة البراقة التى لا تجهد العقل فى التفكير من ناحية، وقادرة على دغدغة الوجدان من ناحية أخرى.

لم يكن هناك شعار أكثر قدرة على سرقة عقل ومغازلة وجدان المصريين، أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، من شعار «الجلاء»، أى جلاء الإنجليز عن مصر، وأن تكون مصر للمصريين.

كان المصريون بعد احتلال بلادهم على يد الإنجليز عام 1882 يعيشون إحساساً عميقاً بالمرارة، انقسموا قسمين؛ الأول باكٍ على الثورة العرابية وعلى «الولس الذى كسر عرابى» ويلصق بالخديو توفيق تهمة تسليم البلاد للإنجليز، وقسم لاعن للثورة التى قادها زعيم الفلاحين وما أورثته للبلاد من نكسات.

حالة تشتت كان يعيشها الشعب المصرى حينذاك، لا تقل ضراوة عن حالة التشتت التى كان يشعر بها عباس حلمى نفسه. فقد راح يتهم الجميع بقتل أبيه وهو فى الأربعين من عمره. فما أصابه من أمراض أدت إلى وفاته سببها الضغوط التى مارسها عليه العرابيون والإنجليز والباب العالى.

يحكى الخديو فى مذكراته أن صحة أبيه انهدت بسبب ما مورس عليه من ضغوط من جانب عرابى والإنجليز والباب العالى، وأنه رأى أن يستسلم لهذه الضغوط حماية للبلاد من الوقوع فى براثن حرب أهلية. لكنه فى المقابل كان يتعذب بإحساس إلصاق تهمة الاحتلال الإنجليزى لمصر لأبيه أو بعهد أبيه فى أقل تقدير.

الواضح أن هذا الأمر كان يؤرقه للغاية، لذلك فقد اختار طريقه منذ السنوات الأولى لحكمه بأن يظهر فى صورة العدو الشرس للإنجليز، والرجل الذى يريد أن يتم الاستقلال على يديه، ويبدو -والله أعلم- أن إحساساً كان يخالجه بأن ذلك هو السبيل الوحيد لغسل سمعة أبيه من ناحية، ومن ناحية أخرى تحقيق حلمه فى الاستفراد بمصر. وكانت أولى الخطوات التى اتخذها فى هذا السياق هى التخلُّص من وزارة مصطفى باشا فهمى، السياسى المنحاز للإنجليز والمدافع عن وجودهم فى مصر، وهو ما أغضب المعتمد البريطانى -اللورد كرومر- بشدة، ومنذ هذه اللحظة بدأ التوتر بين الرجلين حتى انتهى بعزل الخديو.كان يكفى جداً أن يسمع المصريون حاكمهم الشاب يتحدث عن «استقلال مصر» و«جلاء الإنجليز عن أراضيها» حتى ينبهروا ويهيموا به حباً، فما دام يتحدث عن «الجلاء والاستقلال» فمؤكد أنه حاكم وطنى من طراز رفيع، يقول كلاماً لم يسبق للناس أن سمعته من «توفيق» الذى سلَّم البلاد -من وجهة نظر قطاع منهم- للإنجليز حتى يحمى عرشه، ها هو الولد يواجه الغول الإنجليزى غير آبه بالعواقب، حتى ولو كان ثمن المواجهة عرشه.. هل هناك إبهار أكثر من ذلك؟

لم يهتم الناس بعد ذلك بالتفاصيل، فليس يهم أن يكون دفاع الخديو عن استقلال مصر أساسه التبعية للدولة العثمانية، وأن مصر ولاية عثمانية، وليست محمية إنجليزية، ولا يهم أن يكون الهدف من الاستقلال هو استفراد الخديو الشاب بحكم المصريين. هذه التفاصيل لم يكن يتوقف أمامها البسطاء من المصريين الذين أعجبتهم حماسة الخديو الشاب لإخراج الإنجليز من مصر، ولا تسأل عن التفاصيل، وقد تدعمت هذه الرؤية الشعبية حين رأوا النخب المصرية تقول بما يقول به الخديو فى حالة تناغم فريد، ولم يسألوا أيضاً عن التفاصيل التى تقول إن النخبة تتبنى نفس الرؤية التفصيلية للخديو بتحرير مصر من الإنجليز لإعادتها إلى حوزة الأتراك.

الحقيقة التاريخية تقول إنه لم يخلد فى العقل والوجدان الشعبى شىء من تفاصيل تجربة زعيم مثل مصطفى كامل «صديق عباس حلمى»، بل اكتفت الأجيال المتتالية من المصريين بتناقل شعاره الذى يقول: لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الولد يواجه «الغول» الولد يواجه «الغول»



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:20 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تشن غارات جنوبي لبنان ومقتل 3 مواطنين في صيدا
 العرب اليوم - إسرائيل تشن غارات جنوبي لبنان ومقتل 3 مواطنين في صيدا

GMT 11:35 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة
 العرب اليوم - مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab