الأخلاق من النكسة إلى التريند

الأخلاق.. من النكسة إلى التريند

الأخلاق.. من النكسة إلى التريند

 العرب اليوم -

الأخلاق من النكسة إلى التريند

بقلم - د. محمود خليل

لا يختلف اثنان على الآثار الداهمة التى تركتها نكسة يونيو 1967 على الواقع العربى، فبعيداً عن احتلال الأرض وارتباك المشهدين السياسى والاقتصادى داخل العالم العربى كان للنكسة آثار خطيرة على مستوى «الأخلاق»، وقد شاع منذئذ مصطلح داخل الخطاب العربى يصف التحول الذى حدث بـ«أخلاق النكسة». وتعقّدت «المشكلة الأخلاقية» بدرجة أكبر عقب الانفتاح الاقتصادى بعد نصر أكتوبر 1973، وما ارتبط به من تحولات داخل الدول العربية نتجت عن ارتفاع أسعار النفط بعد الحرب، وظهر حينئذ مصطلح جديد يتحدث عن «أخلاق الانفتاح».

أخلاق النكسة كان أبرزها جلد الذات، ولعن الواقع، وضعف الانتماء، والفردية، والأنانية، والعصبية، وغير ذلك، أما أخلاق الانفتاح فكان جوهرها الميل نحو الاستهلاك، والكذب، والانتهازية، والطفيلية، والنفاق، وما شاكل ذلك.

الأمر قبل حقبتى النكسة والانفتاح كان مختلفاً، حيث نعم المجتمع العربى بأخلاق أكثر دفئاً، مجتمع مثل المجتمع المصرى لم يكن يعانى -خلال حقبتى الأربعينات والخمسينات- من الزحام الذى يعانيه حالياً، فكانت الأعصاب مسترخية والنفوس هادئة بدرجة أكبر. والأسرة خلال هذه المرحلة كانت محكومة بمجموعة من القواعد الحاسمة، فدور الأب محدد المواصفات، وأغلب الآباء يتحرون الالتزام بها، وكذا دور الأم، وأدوار الأبناء. وكانت أصول التربية تفرض على الجميع احترام الكبير، وترشد الكبير إلى العطف على الصغير والضعيف واحتوائه وعدم النيل منه. معدلات الدخل أيضاً خلال هذه الفترة كانت معقولة، وكانت تمكّن الفرد من تغطية احتياجاته مع شىء من المعاناة.

إن فيلماً واحداً من أفلام الخمسينات استطاع أن يلخص لك الحالة الأخلاقية للمجتمع المصرى خلال هذه الحقبة، وهو فيلم «حياة أو موت» الذى يحكى كيف تآزرت أطياف مختلفة من المجتمع مع طفلة صغيرة ذهبت لتحضر دواء لأبيها المريض، فأخطأ الصيدلى فى تركيبه، وباتت حياة من يتناوله مهددة.

تحولات عديدة طرأت على الأخلاق العربية خلال العقدين الأول والثانى من القرن الحادى والعشرين، فقد أتاحت التكنولوجيا مساحات أكبر للاستهلاك، ودعمت منظومة الأخلاق الاستهلاكية، بما تحمله من كذب وانتهازية ومحاولات للتشويش على القيم المتعارف عليها، وأوجدت فكرة «الاستقطاب» والانقسام، وأشعلت العداوات القديمة النائمة بين أصحاب المعتقدات أو المذاهب أو الرؤى، وباتت مواقع التواصل الاجتماعى ساحة لنشر الكراهية ما بين المكونات العربية عموماً، بل والمكونات داخل القطر العربى الواحد. والأخطر من كل ذلك هو الدفع المستمر بقيم أخلاقية شديدة الغرابة والاغتراب عن القيم الأخلاقية التى تتحلق حولها الهوية العربية، تتصادم فى أغلبها مع القيم التقليدية التى كانت تحكم الأسرة، وأنماط الزواج وأشكاله، وطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، أو الشباب والفتيات.

لا يوجد أحد ضد التجديد والإضافة والاستفادة من المنظومات الأخلاقية داخل المجتمعات الأخرى، بشرط أن تكون إيجابية ومفيدة للمجتمع، ولا يعقل أن تشتكى الشعوب العربية من عجزها عن طرق أبواب المستقبل، وهى تعانى هشاشة فى منظومة القيم المحلية السائدة فيها، وحين ترغب فى الانتقاء من منظومات أخلاقية أخرى تتعمد اختيار السلبى أو ما لا يتناسب مع تراثها القيمى.

فارق كبير بين مجتمع صنع فيلم حياة أو موت ليثبت مدى تعاطف المجموع مع طفلة وتلهفه من أجل الاطمئنان على أبيها، ومجتمع جعل من إحدى تيمات الفيلم: «إلى المواطن أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس» مادة للسخرية، ثم تركها وتفرغ -من بعدها- لألعاب التريند.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأخلاق من النكسة إلى التريند الأخلاق من النكسة إلى التريند



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab