طوفان «نوح»

طوفان «نوح»

طوفان «نوح»

 العرب اليوم -

طوفان «نوح»

بقلم - د. محمود خليل

تقدم تجربة نبى الله نوح، عليه السلام، نموذجاً فريداً لحقيقة أن أقدار الله تعالى ماضية فى دنياه: «أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».تعلم أن نوحاً ظهر على مسرح الحياة بعد قرون من خلق نبى الله آدم، عليه السلام، وميلاد تجربة الحياة البشرية على الأرض، كان الناس قد ضلوا وشذّوا عن جادة الحق. لعبة الضلال بدأت حين فكر البعض فى صناعة تماثيل تخلّد ذكرى أتقيائهم، لتذكّرهم بتقوى الله وطاعته، وبمرور الوقت تحولوا إلى تقديسها، وتقديم القرابين لها، بحكم نظرتهم إلى أصحابها كقوم محسوبين على الله، وجعلوها وسيلة للتقرب إلى الخالق. ومع تعاقب الأجيال، ظهر من بينهم من نسوا أصل الحدوتة، فظن أن هذه التماثيل آلهة، فحولوها إلى أصنام يعبدونها.كانت البشرية فى حالة ضلال مبين، حين ظهر «نوح» عليه السلام، فاستسلمت للفكر الوثنى، وسيطر على أفرادها خفة العقل، إلى حد أنهم كانوا يتهمون نوحاً، وهو يتمرد على سذاجتهم السائدة وجهلهم المحيط، بأنه على ضلالة: «قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ».قرون متصلة ظل «نوح» يحاول خلالها هداية قومه، لكن الله شاء أن يظلوا على الضلال، ليكون هذا الجيل مثلاً وعبرة للأجيال التى أعقبته.. 950 عاماً كاملة قضاها يدعو قومه إلى الهدى وهم يأبون: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا». ويحكى أن نوحاً كان يتلقف الطفل بمجرد أن يولد، ويتعهده بالتربية، ويغرس فيه معانى الإيمان بالواحد الأحد، حتى إذا شب وكبر انغمس مع قومه فى عبادة الأصنام، الكل صم آذانه عن الاستماع إلى «نوح»، بما فى ذلك أقرب الناس إليه: زوجته وابنه.وأمام العقول المتحجرة والنفوس المتصلبة على الوثنية، صدر البلاغ من السماء إلى «نوح» بأن يصنع سفينة النجاة، السفينة التى ستغدو واحة إنقاذ لآحاد البشر ممن تمردوا على الحمق السائد، وآمنوا برسالة التوحيد: «وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».بدأ «نوح» فى صناعة السفينة وسط سخرية قومه: «وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ». كان «نوح» وهو يسمع قهقهات قومه على ما يفعل مؤمناً بأن قدر الله نافذ، وأن ثمة لحظة قادمة سيقف ساخراً ممن كانوا يضحكون عليه بالأمس، ومن سفّهوا رأيه وفعله قبل أيام.جاء طوفان نوح، وفتحت السماء الأبواب لسيول عظيمة، وانفجرت الأرض بالماء، لتغرق بما عليها ومن عليها، ولا ينجو إلا من آوى إلى السفينة. فى اللحظات الأخيرة وقبل أن تبحر سفينة النجاة، أبصر «نوح» ولده وهو يحاول عبثاً الهروب من الطوفان، ودعاه إلى الإيمان والركوب معه، فرد الابن الضال: «قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ»، فقال له نوح: «قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ. وبحنان الأب نادى «نوح» ربه بأن يرحم ولده: «وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ».. فرد الخالق العظيم: «قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ».وكان ختام القصة التأكيد على أن أقدار الله لا تعانَد حتى ولو تعلقت بالزوج والولد.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طوفان «نوح» طوفان «نوح»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab