أشواق النفس

أشواق النفس

أشواق النفس

 العرب اليوم -

أشواق النفس

بقلم - د. محمود خليل

لعلك تعلم أن سورة الكهف نزلت، حين أرسل مشركو مكة إلى علماء اليهود ليسألوهم فى أمر النبى، صلى الله عليه وسلم، فنصحهم العلماء بسؤال محمد حول بعض الأمور التى ورد ذكرها فى سورة الكهف، وعلى رأسها بالطبع قصة الفتية المؤمنين الذين تحدثت عنهم السورة فى مفتتحها، واكتسبت اسمها من تجربتهم فى «الكهف».كأن «قضية الكهف» من القضايا المفتاحية فى كل الديانات، أو كأن مسألة «الإيواء إلى الكهف» جزء لا يتجزّأ من التجارب الإيمانية فى جميع الأديان السماوية.قصة أهل الكهف تقدم لنا مشاهد واقعية لمجموعة من الفتية الذين فروا بإيمانهم من إحدى المدن الوثنية «أفسوس»، التى رفض ملكها وأهلها الإيمان بالمسيحية التى اعتنقها الفتية، فصدر إليهم توجيه إلهى بالإيواء إلى الكهف وترك المدينة برمتها وعدم الدخول فى أى مواجهات مع أهلها.مشاهد القصة كلها تبدو واقعية. فالكهف الذى آووا إليه هو كهف حقيقى استقر فى حضن أحد الجبال، والكهوف ما زالت قائمة فى حياة البشر، وأكم من تجاويف فى الجبال. وفرار الفتية بإيمانهم يبدو أيضاً طبيعياً. فما أكثر ما يختلف الشباب أو من عبروا مرحلة الشباب مع الأفكار السائدة داخل مجتمعاتهم، سواء الأفكار الدينية أو الاجتماعية أو غيرهما، ويؤثر المختلف عدم الدخول فى مواجهات، فيأوى إلى كهف نفسه، ويحتفظ بقناعاته بداخله، دون أن يفصح عنها، إلا لمن يتفق معه فيها. وظهور الكلب داخل مشاهد القصة يبدو واقعياً أيضاً، فى ظل انضمام أحد رعاة الغنم إلى الفتية، أو وجوده مع أحدهم، وجلوسه على بوابة الكهف طبيعى، ليمثل أداة تحذير لهم بنباحه، فى حالة اقتراب غريب من المكان.الواقعة الاستثنائية الوحيدة فى القصة تتعلق بنومهم الطويل لمئات السنين داخل الكهف: «وَلَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا». هذه الواقعة عجائبية ولا شك، ولا تستغرب من وصف «عجائبية»، لأن القرآن الكريم وصف القصة كذلك: «أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا». ويعنى ذلك أن القرآن الكريم فرّق بين ما هو واقعى، وما هو عجائبى فى شأن الأحداث التى ارتبطت بقصة أهل الكهف.لكن يبقى أن فكرة «الضرب على آذان الفتية» تمنحك المعنى الذى أريد التأكيد عليه. فالضرب على الآذان يعنى غلقها أو سدها، بحيث يصبح الإنسان فى حالة عزلة كاملة عن الواقع الذى يعيش فيه، فلا يصل إليه ما يدور فى العالم المحيط به، ولا ينزعج بتفاعلات من حوله، فيخلد إلى ذاته. وقد تتفق معى أيضاً فى أن سكون حواس الجسد يمنح الروح فرصة أكبر للانطلاق، ويساعدها على الكمون، ويكرّس بداخلها الإحساس بالسكينة والطمأنينة: «فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا».لعلك تتفق معى فى أن جوهر القصة هو «سكينة النفس» وأن فكرة «الإيواء إلى النفس» من أجل تحقيق هذا الهدف تمثل المفتاح الرئيسى لفهم الآيات الكريمة من سورة الكهف.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشواق النفس أشواق النفس



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:24 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

نهج التأسيس... وتأسيس النهج

GMT 07:29 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

كم سيندم لبنان على فرصة اتفاق 17 أيّار...

GMT 05:50 2025 الأحد ,23 شباط / فبراير

حقائق غامضة

GMT 18:20 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

إنستجرام يضيف ميزات جديدة للرسائل المباشرة

GMT 09:50 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

أنغام تتألق في حفل تكريم عبدالله الرويشد

GMT 08:09 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab