سيد درويش

سيد درويش

سيد درويش

 العرب اليوم -

سيد درويش

بقلم - د. محمود خليل

لا يختلف اثنان على الدور الذي لعبه خالد الذكر "الشيخ سيد درويش" في تطوير الموسيقى العربية، والخروج بها من عباءة "المغنى العثمانلي" أو التركي، لتكتسب خصائصها بشكل كامل من الثقافة والوجدان المصريين.

بعيداً عن موسيقاه العذبة المتدفقة تدفق النيل في شرايين الحياة في مصر نلاحظ ملمحاً شديد الإثارة في تجربة الرائد الكبير في تحديث الأغنية المصرية، يتعلق بتوظيفها في بعض الأحوال كأداة لـ"النقد الاجتماعي والسياسي".

وهو ملمح لم تعرفه الأغنية من قبل، ونسبياً من بعد، سيد درويش.استمع على سبيل المثال إلى أغنية "هز الهلال يا سيد" -من كلمات بديع خيري- لتجد الشيخ ينقل فيها معاناة الموظف المصري مع الماهية التي تطير بعد 5 أيام من قبضها، حيث يسقط بعضها في حجر الجزار، وبعضها في حجر البقال، وتضيع سريعاً على متطلبات العيال، الذين تقذف بهم زوجته بلا حساب، ويظل الموظف بعدها منتظراً هلال الشهر الجديد حتى يحصل على المرتب.

تتطرق الأغنية أيضاً إلى "مظاهرات الستات" التي هتفوا فيها بتحسين الحياة، وأوضاع الصنايعية "اللي جابوا ضلف الورش"، لكن البديع في الأغنية -من بديع خيري طبعاً- تلك الجملة التي تتردد بين ثناياها وتختتم بها.. جملة "حد الله ما بيني وبينك غير حب الوطن يا حكومة".

لا أذكر أنني سمعت كلمة "حكومة" تتردد في أغنية قبل سيد درويش، كما لم تتردد في أغنية من بعده، اللهم إلا أغنية واحدة، ضمن المسرحية البديعة "ريا وسكينة"، وهي أغنية "ناسبنا الحكومة". والفجوة تبدو كبيرة بين المعنى الذي تحمله جملة "حد الله ما بيني وبينك غير حب الوطن يا حكومة"، والمعنى الذي تحمله جملة "ناسبنا الحكومة".. إنه الفارق بين عصرين، رأى المواطن في أولهما (سنة 1919 وما بعدها) أن من حقه نقد أداء الحكومة وما تتسبب له فيه من إرهاق، وعدم إجادتها تهيئة الحياة الملائمة له، ورأى في العصر الثاني منهما (الثمانينات وما بعدها) أنه لا سبيل أمامه إلا نفاق الحكومة، وإن استطاع أن يناسبها فذلك أفضل وأضمن، لتحقيق المكاسب، وحصد المغانم، ومواصلة الحياة بشكل أسهل وأسعد.

سيد درويش وعصره عكسا حالة شعبية أكثر نضجاً تبحث عن الإصلاح، وتوظف الأغنية كوسيط لنقل أنات الشارع ومعاناته إلى صانع القرار الحكومي، أما أغنية "ناسبنا الحكومة" فبنت عصرها، رغم أنها جاءت ضمن مسرحية تتناول حادثة "ريا وسكينة" التي وقعت خلال عصر سيد درويش (من 1919- 1920)، لكنها عبرت عن المواطن الذي كان يتم تشكيله وتكوينه في الستينات والسبعينات واستوى على عوده في الثمانينات.

أراد "سيد درويش" بصوته وأنغامه وبكلمات "بديع خيري" أن يعبر عن الوجدان الشعبي تعبيراً أميناً، وكان الوجدان الشعبي مخلصاً لمن أخلص له، فظل يردد أغاني الشيخ المجدد منذ أول مرة سمعها، وتناقلها جيل بعد جيل، لأنها عرفت كيف تخترق المعاني الخالدة لمعاناة البسطاء وتترجمها في كلمات بسيطة بنغم رشيق جعلها قادرة على العبور إلى كل لسان، لتستقر في عقل المستمع ووجدانه.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيد درويش سيد درويش



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة
 العرب اليوم - كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي يواجه أزمتين قبل نهاية العام ويكشف تفاصيلهما

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 06:53 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تكشف نتائج تحقيق جديد حول مقتل 6 رهائن قبل تحريرهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab