السيدة الحكيمة و«الفالح»

السيدة الحكيمة و«الفالح»

السيدة الحكيمة و«الفالح»

 العرب اليوم -

السيدة الحكيمة و«الفالح»

بقلم - د. محمود خليل

زجرتنى ذات مرة قائلة: «انت فاكر نفسك هتصلح الكون يا فالح؟».. رد الفالح: «ولمَ لا؟».. ردت: «وليه أيوة؟.. الكون على كده من ساعة ربنا ما نشاه.. وما يقدر على القدرة إلا ربنا».

شأنها شأن كل الأمهات والآباء من ذلك الجيل مثّل الواقع الذى يعيشون فيه «الكون بأكمله»، وكان أى سعى لإصلاح شىء فيه لا يعنى سوى محاولة بائسة لإصلاح الكون «اللى ميقدرش عليه غير اللى نشاه».

كانت أمى تقلق من شغفى بالقراءة، ومما أردده من أفكار بعد قراءة الكتب، وترى فى ذلك خطراً علىّ، وأن الإنسان يكفيه من الحياة الأفكار التى يمكن أن يعيش بها.. أما الأفكار الحالمة بإصلاح الكون الفاسد فلا يحملها إلا المخاطرون، ولن يصلوا فى النهاية إلى شىء.

لم تطمح إلى أن أحصل على شهادة تفوق «الدبلوم».. «دبلوم التجارة» على وجه التحديد كان منتهى عشمها، وهو فى النهاية شهادة -حتى ولو كانت متوسطة- مثل أى شهادة أخرى.

لم يكن الأمر تواضعاً فى الطموح، فقد كانت أمى من النوع الطموح للغاية، أو انقطاع عشم فى أن ألحق بالجامعة، فقد أدركت من تفوقى الملحوظ أننى قادر على تحقيق الكثير.. كانت الحانية مسوقة بالخوف والإشفاق عليّ من أى مخاطرة من أى نوع، وتخشى أن أمتهن مهنة ترهقنى جسدياً، وكانت تحلم لى بوظيفة مكتبية، والوظائف المكتبية متاحة لخريجى دبلوم التجارة.. كذلك تصورت الأمر.

أى شهادة والسلام.. ويا ريت تكون دبلوم تجارة!.. ظلت أمى طيلة طفولتى وصدر شبابى تحلم لى بذلك، رغم فرحها بتفوقى فى الثانوية ثم دخول الجامعة، ثم تفوقى فى الجامعة حتى عينت فيها بعد تخرجى.

عيناها كانتا تضيئان بالسعادة.. وحين كنت أتدلل عليها بنجاحى، تزجرنى قائلة: «اوعى تنسى إن أنا اللى عملتك بنى آدم.. كل حتة فيك من تعبى وشقايا».. وحين كنت أغيظها وأشير إلى أبى الناظر إليها بعينى صقر وأسألها: «يعنى الريس اللى قاعد ده معملش حاجة؟»، كانت تنسحب خوفاً منه، لكن الخوف لا يهز إيمان مؤمن، وقد كنا جميعاً نخشى هذا الرجل بقدر ما نحبه.

يوم مناقشة رسالة الدكتوراه صحبتنى أمى إلى الجامعة.. للمرة الأولى تطأ قدماها الحرم.. كنت أجلس إلى جوارها فى سيارة أحد الأصدقاء قبل أن نصعد معاً إلى المدرج، حيث المعمعمة، وقد كانت المناقشة حينها معركة علمية حقيقية وليست احتفالية زائفة تشيع العلم إلى حيث أفضى. المهم.. ملت على أمى وسألتها: «فاكرة لما كنتى بتقولى آخد دبلوم تجارة.. شهادة والسلام؟».. ضحكت.. فأردفت: «ها أنا ذا معك لأحمل لك شهادة الدكتوراه».

ربتت على كتفى وهنأتنى ودعت لى.. لم أكن أعلم حينها أن دعواتها تلك هى أعظم شهادة نلتها فى حياتى.. إنها الشهادة التى لا تفوقها شهادة.. سوى الشهادة بالوحدانية للخالق العظيم.

هذه بعض حكاياتى مع أمى أظلتها سحائب الرحمة والغفران.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيدة الحكيمة و«الفالح» السيدة الحكيمة و«الفالح»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab