الميراث القاتل

الميراث القاتل

الميراث القاتل

 العرب اليوم -

الميراث القاتل

بقلم - د. محمود خليل

كلمة الميراث من الكلمات التى تحمل معانى إيجابية إذا كان الموروث قيمة، أو حيازة، أو مالاً، أو غير ذلك من عناصر تحسن شروط الحياة، أما إذا كان المتروك للورثة مشكلات، فإن الكلمة تمسى شديدة السلبية، وما أكثر ما يتردد على لسان الوارث فى مثل هذه الأحوال: «مات واستريح وساب لنا المشاكل».

ومن أصعب أنواع المشاكل التى يمكن أن تظهر فى هذا السياق هى مشكلة الديون التى يمكن أن تكون على الراحل ويتوجب على الوارث أن يسددها، والديون أشكال وألوان.لم يمت الخديو إسماعيل بعد عزله من عرش الخديوية المصرية عام 1879، بل عاش فى إسطنبول، وأورث ولده «توفيق» الحكم.

يحكى الزعيم أحمد عرابى فى مذكراته أن «توفيق» جمع رجال الدولة -ومن بينهم «عرابى»- فى عزومة رمضانية وأسرَّ إليهم بحديث دار بينه وبين أبيه «إسماعيل»، قال لهم فيه إن أباه «إسماعيل» ركب الباخرة المحروسة التى ستقله إلى نابولى وفى حوزته 13 مليون جنيه، ثم أردف: «يا ليته ترك للحكومة ولو ستة ملايين لإصلاح شأنها»!.

اللافت أن «توفيق» فضفض بعد ذلك بحديث أسرَّ به «إسماعيل» إليه أثناء وداعه بمحطة مصر.

فقد عانق «إسماعيل» نجله واغرورقت عيناه بالدموع وقال له: «لقد اقتضت إرادة سلطاننا المعظم أن تكون يا أعز البنين خديو مصر.

فأوصيك بإخوتك وسائر الآل براً.

واعلم أنى مسافر وبودى لو استطعت قبل ذلك أن أزيل بعض المصاعب التى أخاف أن توجب لك الارتباك»!.

تركة ثقيلة بالفعل خلَّفها «إسماعيل» لولده، فناهيك عن الأزمة المالية التى عصفت بالبلاد، كان هناك التدخل الأجنبى من جانب إنجلترا وفرنسا، والذى مهد للاحتلال الإنجليزى فيما بعد، وكان هناك الحراك الثورى الذى قاده «عرابى»، وحالة الغضب والاحتقان التى تسيطر على الشعب.

تفاعلت المشكلات التى ورثها «توفيق» عن أبيه، فزادت وطأتها عليه، وحاصرته من كل اتجاه، وبلغت الأحداث ذروتها بمذبحة الإسكندرية، وبدأ التدخل الإنجليزى فى مصر، وقرر الخديو، فى مواجهة ذلك، عزل «عرابى» من منصبه كناظر للجهادية والبحرية، لم يسكت «عرابى» على الخطوة فدعا إلى مؤتمر عام للقوى الوطنية انعقد فى ديوان الداخلية يوم 6 رمضان 1299 تصدره مشايخ الإسلام.

اتخذ المجتمعون قراراً سياسياً خطيراً، بعزل «توفيق» من خديوية مصر بناء على فتوى شرعية من الشيخ العارف بالله شيخ الإسلام والمسلمين السيد محمد عليش، وشيخ الإسلام الشيخ حسن العدوى، كما يذكر أحمد عرابى فى مذكراته.

ونصت الفتوى على مروق الخديو توفيق باشا، وخيانته لدينه، ووطنه وانحيازه لعدو بلاده!.

الكلام كان خطيراً على المستوى النظرى، لكن عملياً لم يكن بمقدور «عرابى» ومشايخه تفعيل هذا القرار على الأرض.

تواجه «عرابى» ومؤيدوه من الأهالى مع الإنجليز، ولهجوا فى الشوارع كما يسجل «عرابى» فى مذكراته: «اللهم إن تهلك هذه العصابة الموحدة - يقصد عرابى ومن معه- فلن تعبد بعدها فى مصر. اللهم عليك بالإنجليز.

اللهم اشدد وطأتك عليهم، وأنزل بهم بأسك الذى لا ترده عن القوم المجرمين، اللهم إنا نجعلك فى نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم احصدهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا ترد منهم أحداً، إنك على كل شىء قدير»!.

وكانت الهزيمة.عاش الخديو توفيق بعد الاحتلال عشر سنوات حتى عام 1892، هده فيها المرض، والإحساس بالإحباط والعجز عن حل المشكلات التى ورثها عن أبيه، وانتهى به الأمر إلى «قصر حلوان» الذى حاول عبثاً الاستشفاء فيه، حتى وافته المنية فى 7 يناير 1892، فى حين كان أبوه «إسماعيل» لم يزل على قيد الحياة، ويعيش فى إسطنبول، حيث مات بعد رحيل ولده بثلاث سنوات، عام 1895.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميراث القاتل الميراث القاتل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 العرب اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab