نزوات «أفندينا»

نزوات «أفندينا»

نزوات «أفندينا»

 العرب اليوم -

نزوات «أفندينا»

بقلم - د. محمود خليل

يقول «إدريس أفندى» فى مذكراته، واصفاً الوالى محمد على ومشروعاته: «لا يرجع سوء حالة مصر المالية إلى الحروب فحسب، بل إلى الإصلاحات التى لم تُفهم فهماً صحيحاً، وإلى المشروعات التى لم يُحسن ولى الأمر تقديرها، أو تعجّل فى تنفيذها، وإلى رذائل الإدارة، وجشع الموظفين، فإن هذا كله مما يدمّر الثروة العمومية».

مثل هذه التقييمات تثير الحيرة حول عصر محمد على، وتخلق نوعاً من التضارب بين الآراء عند النظر إلى تجربته. فهناك من ينظر إلى هذه المشروعات بصورة مجردة، فيرى ما شقه الوالى من ترع وما عمره من أراضٍ، وما أدخله من محاصيل زراعية جديدة، وما شيده من قناطر، وما بناه من مصانع، فيقول ماذا تريدون أكثر من ذلك؟ لقد أسس ولى النعم دولة جديدة تختلف كل الاختلاف عن الدولة التى عرفها المصريون أيام المماليك، لكن فى المقابل هناك من يقول إن الوالى كان يتحرك فى كل ذلك بإرادة فردية، وبتركيبة نفسية تصور فيها نفسه زعيماً أشبه بالإسكندر الأكبر، أو بنابليون بونابرت، وأن مشروعاته -على عظمتها- لا تمثل أكثر من نزوات شخصية، أراد أن يثبت بها لأوروبا أنه زعيم من طراز فريد، تمدد ظل سيطرته إلى كل الدول المحيطة به، حتى بات الخطر الأكبر على سلطان إسطنبول.

وجهة النظر التى حكم بها «إدريس أفندى» كان أساسها الإنسان المصرى، فقد تساءل فى أكثر من موضع من مذكراته: ما أثر ما أحدثه الوالى من تحولات على حياة الفلاح أو العامل المصرى أو الموظف المصرى؟ ويجيب عنه عن طريق قياس ردود فعل البشر الذين عاصروا معه تجربة الوالى فى التحديث، ويخلص إلى أن الوالى كان يحتقر المصريين، ولا يرى فيهم أكثر من أدوات عليه أن يعصرهم عصراً من أجل إنجاز مشروعه وتحقيق حلمه بالسيطرة على الشرق، عبر جيش قوى تمكن من بنائه، وكل ما صنعه بعد ذلك كان يعمل فى خدمة جيش الوالى، بدءاً من التعليم، ومروراً بالبعثات، وانتهاءً بجمع الأنفار للحرب. والدخول الكبيرة التى حققها الوالى عبر مشروعاته، التى بناها بجمع الضرائب من الناس، ضاع جزء كبير منها فى الحروب، وما تبقى وقع فى حجر الوالى والأمراء وكبار موظفى القصر. أما الشعب فظل فقيراً بائساً يطارده الفقر والجهل والمرض.فارق كبير بين مشروع تحديثى وقوده إهدار إنسانية الإنسان، وآخر يعتمد على منح الإنسان حقوقه وحرياته، وتوعيته وتعليمه، وإطلاق طاقاته وإبداعاته. النوع الأول من المشروعات التحديثية قد يغير وجه المكان وصورته ويجعلها خيراً مما كانت، لكن استمراره غير مضمون بحال، لأنه مرتبط بوجود الشخص الواقف وراءه، وقد يختفى مع اختفائه. أما المشروعات التحديثية المؤسَّسة على الإنسان، فوضعها مختلف، فقد يكون إنجازها أبطأ، لكنه أعقل، وأفيد، وأقدر على التواصل والاستمرارية، والتطور من مرحلة إلى مرحلة، لأنه غير مرتبط بفرد، بل بمجموع آمن به.

يقول إدريس أفندى: «لقد أقبل محمد على ليشيد ركناً تهدم فى بناء الشرق، فتناول بضعة الأحجار التى سقطت من هذا البناء، وبنى فى عجلة مسكناً غير ذى أجل، بدلاً من إقامة صرح جديد كان ينبغى أن يشيده المعمارى الحق».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزوات «أفندينا» نزوات «أفندينا»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab