آيات «الكهف»

آيات «الكهف»

آيات «الكهف»

 العرب اليوم -

آيات «الكهف»

بقلم - د. محمود خليل

كثيراً ما أتأمل الحديث النبوي العجيب الذي استهل به "ابن كثير" تفسيره لسورة الكهف. يقول الحديث الذي رواه البراء بن عازب: "كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزلت بالقرآن".

نحن أمام مشهد لرجل يتلو آيات من سورة "الكهف"، وإلى جواره حصان مربوط بحبلين، وبينما الرجل يتلو إذا بالحصان يصهل وينفر ويحاول أن يفلت من الحبال التي قيدته، استلفتت الحركة المرتبكة للحصان "البراء"، فنظر فإذا بسحابة آتية من السماء تدنو شيئاً فشيئاً نحو الأرض، وإذا بها تلف المكان الذي يتدفق فيها صوت الرجل -مطمئناً- بآيات الكهف، وكانت السبب في فزع الحصان. في الصباح ذهب "البراء بن عازب" إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وسأله في الأمر، فرد عليه: تلك السكينة تنزلت بالقرآن.

يحمل هذا المشهد ثنائية: االطمأنينة/ والخوف، وهي ثنائية تعبر عن إحساسين متضاربين، لكن المصدر فيهما واحد، ويتمثل في السحابة التي غشيت الرجل، أثناء تلاوة آيات الكهف، وأصابت فرسه بالخوف. وذلك هو السر في السورة الكريمة ومفتاح فهم آياتها.

الطمأنينة مصدرها الدخول إلى "كهف السكينة"، حين ينحبس الجسد، وتنطلق أشواق الروح، أما الخوف فمحله الروح المقيدة العاجزة عن الانطلاق وكأنها مربوطة بحبال، لا تستطيع الانفلات منها، مهما كان الجسد قوياً وعفياً، ولو كان جسد حصان، لا يخفى عليك رمزيته على القوة (الحصان هو أداة قياس القدرة كما تعلم).

الرجل قارىء آيات الكهف كان يتلو في الفضاء الرحب العريض، ذلك هو المشهد الظاهر، لكن واقع الحال أنه كلما كان يتفدم في تلاوة الآيات يدخل إلى "كهف السكينة" وهو في البراح، فمع كل آية يتلوها كانت سحابة السكينة تدنو منه شيئاً فشيئاً حتى لفته من كافة الاتجاهات. لقد آوى إلى كهف نفسه حين وصل إلى أعلى درجات السكينة والسلام الروحي أثناء التلاوة.

أظن -والله أعلم- أن جوهر العبقرية في سورة الكهف، وربما يكون السبب في وصية النبي صلى الله عليه وسلم بتلاوتها يوم الجمعة من كل أسبوع مرتبط بفكرة "السكينة" التي يمكن أن يشعر بها الإنسان حين يأوي إلى كهف النفس أو الروح، بل قل إن فكرة "السكينة" تلك تمثل جوهر العلاقة بين الإنسان والنص الإلهي، وإلا بماذا نفسر قول النبي: تلك السكينة تنزلت بالقرآن؟.

والسكينة تعني ببساطة طمأنينة النفس، وهو إحساس لا يتحقق إلا بتشرنق الذات حول نفسها، لتخلص للواحد الأحد، وتنسى الدنيا، وتعيش لحظات نادرة من السكينة. والتشرنق هنا لا يتحقق إلا بالعزلة، حتى ولو كان الإنسان يسعى بين الناس، فبإمكان الإنسان أن يأوي إلى ذاته حتى في اللحظات التي يتزاحم فيها الناس من حوله، حين يفكر في خالقه. والعزلة لا تعني اعتزال الآخرين، فقد يأوي الإنسان إلى ذاته في عطائه للآخرين، ليعيش ذك الإحساس الملهم بالإيواء إلى الكهف.

"فأووا إلى الكهف".

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آيات «الكهف» آيات «الكهف»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 11:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 6 درجات يضرب إسطنبول

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أنوشكا تتقدّم ببلاغ ضد شخص ينتحل شخصيتها

GMT 16:10 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

كريم فهمي يفجّر مفاجأة عن ياسمين عبد العزيز

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أحمد فهمي يكشف الاختلاف بينه وبين شقيقه كريم

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab