دموع «الريحاني»

دموع «الريحاني»

دموع «الريحاني»

 العرب اليوم -

دموع «الريحاني»

بقلم - د. محمود خليل

أصحاب المشاعر الرقيقة هم أكثر الناس حساسية نحو الآخرين، وأشدهم وعياً بحقيقة أو زيف عواطف من حولهم نحوهم.

قد يراهم البعض مرهقين، لكنهم دوماً من أصحاب النفوس العالية.. والمستعرض لمذكرات الفنان الراحل «نجيب الريحانى» يجد حقيقة أن هذا الرجل كان من أصحاب النفوس العالية تقفز أمامه فوق كل سطر يقرأه، حين يشعر بكمّ التلقائية والبساطة الذى يلف كلماته من ناحية، وكم الشجن والأسى الذى ينغرس فى كل كلمة منها، من ناحية أخرى، حتى وهو يسخر من بعض المواقف التى تعرض لها فى حياته، بحسه الإنسانى الكوميدى المرهف.

كل من قرأ مذكرات «نجيب الريحانى» يُحتمل أن يكون قد توقف أمام العبارة الختامية التى شحن فيها العبرة الكبرى، التى انتهى إليها من استعراض رحلته فى الدنيا.

وفيها يقول: «بقيت العبرة التى أبثها أخيراً، وهى أننى أصبحت أعتقد أن العواطف وما إليها من الكلمات المنمقة ليست إلا لهواً أو لعباً أو تجارة، يمارسها بعض الناس للضحك لها على عقول السذج وقاصرى الإدراك، تماماً كما تفعل المعددة فى المآتم، فإنها تأتى بعبارات الأسى والحزن العميق الذى يفتت الأكباد ويحرك الجماد، ومع ذلك فإنك تبحث فى قرارة فؤادها فلا تجد مثقال ذرة من الحزن والألم».

ليس هذا بكلام فنان عادى، بل نحن بصدد حديث لا يصدر إلا عن فيلسوف كبير، خبر الحياة بحلوها ومرها، وخيرها وشرها، وانتهى من الرحلة إلى هذه النتيجة أو العبرة التى تشتمل على واحدة من حقائق الحياة الكبرى.

كان «الريحانى» من الشهرة والحضور، بحيث بات نجماً شديد السطوع، يجذب بنوره الكثيرين، يشجعهم على ذلك روحه السمحة، ونفسه الطيبة، وأخلاقه العالية، فقد فتح باب قلبه للجميع، وواضح أنه نال من البشر مقالب كثيرة وعديدة، جرحته بصورة مؤلمة.

حكى الفنان بعضاً منها، كما شرح كيف كان يعبر عليها، مستعيناً بمخزون التسامح الذى يملكه.

تسامح الإنسان يمكنه من استيعاب جرح الآخرين وإيلامهم له، لكن يبقى الإحساس بالمرارة كامناً فى النفس يزيد قطرة بعد أخرى، مع كل موقف خذلان إنسانى أو عاطفى يعيشه.

وقد عاش الفنان الراحل بالمرارة، وانعكس ذلك على أدائه التمثيلى بصورة أو بأخرى.

ويقول فى هذا السياق: «ذلك ما أوصلتنى إليه التجارب فيما يخص العواطف، ولعل ما يراه الجمهور من المواقف المضحكة فى رواياتى منشؤها هذا الاعتقاد الراسخ فى حياتى».تستطيع أن تلمح خلطة الكوميديا الممزوجة بالمرارة لدى الفنان فى أفلامه الأخيرة.

تجد ذلك فى فيلمى: «لعبة الست» و«أحمر شفايف»، وكلاهما إنتاج عام 1946، ثم فى آخر أفلامه «غزل البنات» إنتاج عام 1949.

فى الفيلم الأخير كان الإحساس بالمرارة قد احتل كل شبر من إحساس الرجل، وتجلى ذلك فى العديد من مشاهد الفيلم، وخصوصاً مشهد المكاشفة الذى أدرك فيه تتفيه الآخرين لإحساس كهل جرى به العمر، وعاش محروماً من العواطف طيلة الرحلة، ووجد نفسه فى ختامها غارقاً فى حب فتاة، من عمر أبنائه.

يقال إن مخرج الفيلم الراحل «أنور وجدى» طلب صناعة الدموع التى يسفحها «الريحانى» على حبه الضائع، لكنه رفض، وخلا بنفسه دقيقة، ثم خرج وأدى المشهد، وبكى فيه بكاءً مريراً.. وهل ثمة أداة لاستدرار الدموع أنجح من المرارة؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دموع «الريحاني» دموع «الريحاني»



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية
 العرب اليوم - نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 العرب اليوم - أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 06:31 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين
 العرب اليوم - ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 03:25 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يعتزم مواصلة الانتشار جنوبي لبنان

GMT 03:17 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يهز إثيوبيا بقوة 4.7 ريختر

GMT 03:24 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الحصبة تتفشى في المغرب 25 ألف إصابة و120 وفاة خلال 16 شهرا

GMT 11:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تتحدّث عن الشخصية التي تتمنى تقديمها

GMT 08:46 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 09:25 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 تعيد تعريف الفخامة بجاذبية جريئة

GMT 08:44 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 08:42 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab