ضرب الظالمين بالظالمين

ضرب الظالمين بالظالمين

ضرب الظالمين بالظالمين

 العرب اليوم -

ضرب الظالمين بالظالمين

بقلم - د. محمود خليل

عانى المصريون أشد المعاناة حين تمكن «نابليون بونابرت» من السيطرة على بلادهم خلال حملته الشهيرة (1801- 1803). فعلى مدار 3 سنوات متصلة مارس جنود الحملة لعبة الضغط الاستعمارى على الناس.

لم يلتفت إلى قليل ممن عاشوا هذه الحقبة إلى ما أحدثه الفرنسيون من تطويرات فى الواقع المصرى، فأغلب المصريين كانوا يرون أن الفرنسيين يطورون بعض الأوضاع فى البلاد من أجل أنفسهم -كطبقة حكم- وليس من أجلهم. ومن عادة الناس ألا تؤمن إلا بما يصب إيجابياً فى حياتها.

ثار المصريون مرتين ضد الفرنسيين، ولم يكن هدف من الثورة إخراج المحتل من البلاد، إذ لم يكن الاحتلال جديداً عليهم، بل قصدوا الاحتجاج على قرارات ظالمة، وأوضاع ضاغطة، وقف الاحتلال الفرنسى وراءها.

القاعدة التى تكاد تكون ثابتة عند المصريين أن الاحتلال يزيله احتلال، وبالتالى تجدهم كسالى عن التحرك للتخلص ممن يجثم على صدورهم ويرهق معيشتهم، وأشد ميلاً إلى الدعاء: «اللهم اضرب الظالمين بالظالمين.. وأخرجنا سالمين».

كان ذلك بالضبط هو موقف المصريين عام 1801، وهى السنة الأخيرة للاحتلال الفرنسى لمصر على يد «نابليون»، فقد كان الإنجليز وقتها يطوّقون الفرنسيين داخل مصر، بعد أن أفلحوا فى تحطيم أسطولهم فى موقعة أبى قير البحرية، والناس فى الشوارع تدعو الله بأن يمكّن الإنجليز من رقاب الفرنسيين، وأن يضربهم الله ببعضهم البعض، ويخرج أهل البلاد سالمين.

وحين خرج الفرنسيون من مصر كان هناك قناعة كاملة لدى المصريين أن الله تعالى سخر «الظالم الإنجليزى» لأهل البلاد كأداة لطرد «الظالم الفرنسى».

ولك أن تنظر فيما قاله «الجبرتى» فى توصيف هذه الواقعة التى عاصرها فى كتابه «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار». يقول المؤرخ الشهير: «وإذا تأمل العاقل فى هذه القضية يرى فيها أعظم الاعتبارات والكرامة لدين الإسلام، حيث سخر الطائفة الذين هم أعداء للملة هذه (يقصد الإنجليز) لدفع تلك الطائفة ومساعدة المسلمين عليهم (يقصد الفرنسيين).

وذلك مصداق الحديث الشريف وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».. فسبحان القادر الفعال».

نحن هنا بصدد نموذج صارخ للاتكالية فى مسألة التغيير. فقد اتكل المصريون على «الفاجر» من أجل إخراج «الظالم» من البلاد، وفرحوا حين نجح فى ذلك، ويهمل أصحاب هذا النموذج أن «الفاجر» لم يكن يقل طمعاً عن «الظالم»، فكلاهما يريد نهب البلاد، وحرمان أهلها من خيراتها، وقد حاول الإنجليز احتلال مصر بعد 6 سنوات فقط من خروج الفرنسيين منها، وذلك فى الحملة التى قادها «فريزر» على مصر عام 1807، وأعادوا الكرة بعدها بعقود، حتى تمكنوا من السيطرة الكاملة على البلاد عام 1882.

النظرية العلمية تقول إن كل شىء يبقى على ما هو عليه من ثبات أو حركة ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجى.. فلا يتوقع أحد أن يتغير شىء فى الحياة، أو يحدث فى الأمور أمور، ما دام الفرد واقفاً فى مكانه، لا يسعى إلى تحريك الأشياء، وينتظر التحرك من خارجه.

تظل الأشياء على حالها، لأن الإنسان يريد السكون، ويفضل الثبات فى المكان، لكن الله تعالى خلق الحياة وجعل التغير والتحول سمة أساسية من سماتها.

فلا شىء فيها يظل على حاله. عجلة الحياة تدور دائماً. وما أسرع ما تدهس المتجمدين فى أماكنهم.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضرب الظالمين بالظالمين ضرب الظالمين بالظالمين



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:52 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في السودان
 العرب اليوم - مقتل عشرات المدنيين بغارات للجيش السوداني في السودان
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة

GMT 04:51 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حلول زائفة لمشكلة حقيقية

GMT 04:58 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيران: الحضور والدور والمستقبل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab