الموتى يحكمون الأحياء

الموتى يحكمون الأحياء

الموتى يحكمون الأحياء

 العرب اليوم -

الموتى يحكمون الأحياء

بقلم - د. محمود خليل

أحوالى متقلبة.. أشعر فى لحظة بالراحة وفى أخرى بالتعب.. أسعل أحياناً ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى.. وفى أحيان أشعر أن الهواء يتسرب إلى رئتى بسهولة.. يسأل آدم الصغير جده: متى أستقر على حال؟.. فيجيبه: الحياة لا تستقر على حال.. والأيام متقلبة.. والدنيا كما تعطى تأخذ.. وكما تأخذ تعطى.تقلّب مصطفى مع الدنيا عقب رحيل أبيه.. عاش بقلب ميت وعقل حى.. اختار تجارة البارود خلافاً لرغبة أمه بأن يتاجر فى التوابل، حين حدثته أن أباه كان يحلم بذلك. اختار «تجارة الموت» وربح أموالاً كثيرة منها.. قدم رشاوى للجميع بدءاً من الصغار وانتهاء بكبار رجال البلاط لجمع معلومات عما حدث لأبيه ولتسهيل صفقاته فى الحصول على البارود فى الوقت نفسه.

عرف أن «الترجمان» كان ضحية مؤامرة مزدوجة ما بين عز الدين الألفى المملوك الجركسى.. وسليمان باشا مدير قلم الإيرادات الذى كان يعمل به «الترجمان».. أجّل انتقامه من الاثنين إلى أن يعرف أين ترقد عظام أبيه.. سافر وسأل ودفع فى كل الاتجاهات، لكنه لم يصل إلى شىء.

- مصطفى: دلينى يا أمى.. ماذا أفعل؟.. لقد سافرت ورحت وجئت.. ولم يرو أحد ظمئى بكلمة تهدينى إلى المكان الذى ترقد فيه عظام أبى.

- الشامية: أبوك بين يدى رحمن رحيم.. ولا يهم أين ترقد عظام الإنسان.. المهم أن تكون روحه محلقة فى جنان الخلد.. عظام أبيك آواها ماء النيل.. وروحه عند بارئها.

- مصطفى (بغضب): تريدين منّى أن أتخلى عن عظام أبى.. الرجل الذى أعطانى الدرس فى التعلق بعظام أبيه إلى حد ترك بلده الذى جاء منه؟.. لو انطبقت السماء على الأرض لن أتوقف عن البحث حتى أهتدى إلى ما أريد.

- الشامية: كله بإرادة ربنا ومشيئته.. إذا كان المكتوب ألا تعرف.. فمهما بحثت لن تصل إلى شىء.. وإذا كانت الأخرى فسوف يأتيك الخبر من حيث لا تدرى ولا تعلم.

- مصطفى (ساخراً): سأراه فى المنام ويدلنى.. يا أمى المال هو الساحر الذى يأتى بالأعاجيب.. يحوّل الصعلوك إلى باشا والباشا إلى صعلوك.. يحوّل العبد المملوك الذى كان يباع بالأمس فى سوق النخاسة إلى حاكم بأمره يستعبد الأكرمين وبنى الأكرمين.. لو أدرك أبى هذه الحقيقة لجمع مالاً كثيراً يحميه من الكلاب.

- الشامية: لم يرد أبوك الدنيا.

- مصطفى: ولا أنا أريدها.. أريد فقط الثأر لمن قتل مظلوماً.. أريد عندما ألقاه فى الآخرة أن أقول له لقد أخلصت لعظامك كما أخلصت أنت لعظام أبيك.يتعجب «آدم الحفيد» من شأن «مصطفى» المستعد لخسارة ماله كله ليعرف أين يرقد عظم أبيه.. ومن قبله «الترجمان» الذى ترك حاله وماله فى بلده المغرب وقرر العيش فى القاهرة لما احتضن ترابها عظام أبيه.. يقول لجده آدم:

- الشاب (ساخراً): يا جدى.. هل رحلة عائلتنا كلها بحث عن عظم؟.. هل يعقل أن يضيع مال ويتشرد رجال وتحدث أهوال من أجل عظام موتى؟.. بصراحة.. جنان رسمى.

- الشيخ: أجدادك كانوا يبحثون عن ماضٍ يشدهم.. يبحثون عن تاريخ يمنح الجدوى لحاضرهم.. الماضى وكل ما ينتمى إليه له قيمته وقدسيته.. إن إناءً كان الأطفال يعبثون به فى القرن الخامس عشر يصبح أثراً ذا قيمة يدفع فيه المال الكثير فى القرن الحادى والعشرين.. فما بالك بعظام الأجداد؟.. كان خطؤه الأكبر إفراط الثقة فى المال.إنهم الموتى الذين يحكمون الأحياء.. والمال الذى يلعب بعقول الرجال.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الموتى يحكمون الأحياء الموتى يحكمون الأحياء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab