محنة «أصحاب الحمير»

محنة «أصحاب الحمير»

محنة «أصحاب الحمير»

 العرب اليوم -

محنة «أصحاب الحمير»

بقلم - د. محمود خليل

كان عام 1802 من الأعوام المحتشدة بالأحداث، والتى زادت فيها الضغوط على المصريين، بصورة أوجعتهم، وأربكت حياتهم كل الإرباك. فقد كان الطمع واضحاً من جانب الحكام الأتراك، ومن معهم من الأنؤود، فيما فى يد الأهالى، حتى ولو كان تافهاً. لقد وصل الأمر إلى الطمع فى «حمير» الناس.

فى تلك الأيام كان «الحمار» يمثل الوسيلة الأهم للنقل والتنقل فى حياة المصريين، ولم يكن أى منهم يستطيع الاستغناء عنه، ونظراً لقيمته الكبرى فى حياتهم فقد كان سعره فى ذلك الوقت مرتفعاً، وكان المواطن يشتريه بالكاد، وإذا افتقد أحدهم حماره فإنه لن يستطيع أن يعوضه بسهولة.

وقد حدث عام 1802 أن طمع العساكر الأتراك والأرنؤود فى حمير المواطنين، بسبب خروجهم فى تجريدة لمواجهة المماليك المتمردين بالصعيد، احتاجوا فيها إلى وسيلة يركبونها، لحظتها لم يجدوا أمامهم غير «حمير» الغلابة يركبونها. توجه أحد الأرنؤود إلى المكارية (العربجية) وطلب منهم تدبير 600 حمار لتوفيرها للتجريدة الخارجة بأمر الوالى، وشددوا عليهم فى الأمر، وحذروهم من أى عصيان. لم تكن المسألة تستأهل التحذير، فقد كان «المكارية» يعلمون مغبة العصيان، فشمروا عن ساعد الجد، وبدأوا فى جمع العدد المطلوب من الحمير وتوفيرها لأرنؤود الوالى. ويذكر «الجبرتى» أنه سمع أن الأرنؤود والترك الطيبين أعطوا للمكارية خمسة ريالات (فرانسة) مقابل كل حمار، بشرط أن يأتيهم بعدته ولجامه. وكان ثمن «الحمار» فى ذلك الوقت 50 ريالاً، ما يعنى أنهم أخذوه بعُشر ثمنه.

نظر الترك والأرنؤود -فرحين- إلى الحمير الستمائة، لكنهم استقلوا عددها، وقرروا البحث عن المزيد، وكان «السقاءون» من أكثر أبناء الحرف استخداماً للحمير، لذا فقد شن طلاب الحمير أكثر من حملة عليهم، وخطفوا الحمير منهم، وكانت النتيجة امتناع السقاءين عن العمل، حتى يكف هؤلاء أيديهم عن الحمير. وترتب على إضراب السقاءين أزمة فى توفير المياه، وارتفع ثمن «القربة» الكتّافى إلى عشرة أنصاف فضة. والقربة الكتافى، كما هو واضح من وصفها، توضع على الكتف، والواضح أنها غير القرب التى توضع على عربة السقا التى يجرها حمار.

خطف الترك والأنؤود الكثير من حمير السقاءين وأضافوها إلى حمير المكارية، وجمعوا العدد فوجدوه لا يكفى، فقرروا التحول إلى السطو بالإكراه على الحمير فى الشوارع والبيوت، فكانوا يهجمون على من يركب حماراً وينزلونه من فوقه، ويستولون عليه، وبلغ بهم الأمر حد التكسب من الموضوع، بسبب كثرة الحمير بعد السطو، فكانوا يذهبون بالحمار إلى السوق لبيعه، والمضحك أن بعض أصحاب الحمير المسروقة فى الشارع كانوا يتبعون اللص إلى السوق ليشتروا حميرهم من جديد من سارقيهم.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل بدأ الترك والأرنؤود يتحركون نحو البيوت، يتنصتون على نهيق الحمير، فإذا سمعوا حماراً انقضوا على البيت وأخذوه فى الأسر، وكان بعضهم يحتال وهو يقف أمام البيت، ويقول «زر» ويكررها فينهق الحمار، ويتم اكتشافه، ثم يستولى عليه.

كان عام 1802 عام محنة كبرى لأصحاب الحمير.

arabstoday

GMT 07:02 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 06:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 06:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 06:55 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 06:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 06:53 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة «أصحاب الحمير» محنة «أصحاب الحمير»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab