ثعالب المتدينين

ثعالب المتدينين

ثعالب المتدينين

 العرب اليوم -

ثعالب المتدينين

بقلم - محمود خليل

كيف يزين البعض لأنفسهم لعبة التثعبن والجور على حقوق غيرهم وفى الوقت نفسه إظهار التديّن والتمسّك بطقوس الصلاة والصيام والعبادة؟ هل يعرف هؤلاء قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ»؟

علينا بداية أن نعترف بأن البعض يؤدى فى هذه الحياة بشكل حجرى آلى، دون أن يقف للحظة ويراجع أو يحاسب نفسه، أو يقيّم سلوكياته بصورة يتنبّه معها إلى شرك التناقض الذى يعيش فيه، أمثال هؤلاء تكون الدنيا «واخداهم» و«سايقاهم»، لأن كل تفكيرهم فيها، وكل تركيزهم معها، وهم يستخدمون الدين كوسيلة للتجارة وتحقيق المكاسب.

وقد يصح أن نقول إن هؤلاء ينطبق عليهم ما ينطبق على ثعالب المتدينين الذين وصف أمير الشعراء أحمد شوقى أحدهم فى قصيدة: «برز الثعلب يوماً فى ثياب الواعظينا»، والتى تصف ثعلباً لبس مسوح الدين ومشى فى الناس يهدى ويسب الماكرينا، ويسبّح باسم الله ويقدس له، كل ذلك حتى يستدرج الديك ويأكله، وذلك بذريعة دينية.

فقد أراد أن يُخرج الديك من جُحره كى يعمل مؤذناً ينبّه الناس إلى الصلوات، خصوصاً صلاة الصبح.. كان الديك يفهم شخصية الثعلب جيداً، فرد على دعوته بالرفض، وأنه يفهم أن الثعلب يتلاعب بالدين لتحقيق أهداف دنيوية، وأن من السذاجة والجهل أن يظن عاقل «أن للثعلب ديناً».

بعض البشر يبلغ بهم التغفيل درجة يؤدون معها -بقصد أو بدون قصد- كما أدّى سيدنا الخضر عليه السلام، فقد كان الخضر يتمتّع بأمور ومعارف لا يدركها غيره، وكان يؤدى بناءً على معرفة لدنية لا ينازعه فيها أحد، وبناءً على ذلك فقد اتجه إلى الإتيان بأفعال تُعد فى ظاهرها مريعة ولا أخلاقية، حين خرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار ورفض أن يأخذ عن ذلك أجراً.

هذه الأفعال كانت محل استهجان نبى الله موسى، عليه السلام، لأنه لم يكن يفهم الحكمة من ورائها، وظل كذلك حتى شرح له «الخضر» المغزى الأخلاقى لكل فعل أتاه.

إن من يزين لنفسه، أو تزين له نفسه، أن يجور على غيره من البشر، وفى الوقت نفسه يملأ العالم بمواعظه ودعائه وكلامه عن الدين ودعوته إلى تحكيم قيمه وأخلاقياته بين الناس، وهو أول من يدوس عليها، من يفعل ذلك يظن نفسه «خضراً»، يخرّب ويسلب ويريق الدم.

من يتمكن الفكر الوثنى منه تجده ثعباناً منطلقاً إلى إيذاء من يرى أنه يستحق أذيته بطرق مختلفة، فقد يجور عليه ويفعل به الأفاعيل، بدون وجه حق، ولا يجد فى ذلك غضاضة، إذ يظن فى نفسه أداة عقاب إلهى سلطه الله على غيره لحكمة، إنه يتصور أنه مسلط من الله تعالى لكى يعاقب غيره، ولا يجد تناقضاً بين ما ينزله بغيره من أذى أو جور أو سلب، وما بين مظاهرات التديّن التى يواجه بها الناس.بهذه الطريقة يؤدى الشخص المتثعبن، فيتاجر بالدين فى سوق الأذية.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثعالب المتدينين ثعالب المتدينين



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تنضم إلى كريم عبد العزيز وياسمين صبري

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab