ماذا يفعل

ماذا يفعل؟

ماذا يفعل؟

 العرب اليوم -

ماذا يفعل

بقلم - د. محمود خليل

ماذا يفعل الإنسان إذا اكتشف فى لحظة أنه عاش عمره يؤمن بوهم؟.. شخصية واجهت هذا الموقف بمعناه المتكامل، رسم ملامحها نجيب محفوظ فى رواية «المرايا»، هى شخصية «صادق عبدالحميد»، الطبيب الذى تعلَّم فى إنجلترا، وكان فى عمر الأربعين حين قامت حركة الضباط فى يوليو 1952، وبرز كأحد أكبر المتحمسين لها بين شلة أصدقائه، بارك خطواتها فى التخلص من الأحزاب والاستفراد بالحكم، وتحديد الملكية، وإنشاء الاتحاد القومى، فالاشتراكى، ومن قبلهما هيئة التحرير.

ظل «صادق عبدالحميد» كذلك حتى وقعت الواقعة وحدثت هزيمة يونيو 1967، فأخذ يتخبط يميناً ويساراً، وجد نفسه أمام السؤال الموجع: أكانت حياتنا طيلة السنوات الماضية وهماً من الأوهام؟

نظر الرجل حوله فلم يجد إلا خصوم الثورة الشامتين، أو المازحين فى عالم النكات معدومة المعنى. توقع أن يكون رد فعله غير ذلك: حزناً أو ألماً أو جنوناً أو أى شىء آخر يجيبه عن السؤال: هل كان يعيش وهماً؟ لم يحدث شىء، بل كل ما حصل أنه أخذ يسترد الثقة يوماً بعد يوم، وينظر إلى الهزيمة كمجرد تجربة مريرة ألمت بنا لنعيد تشخيص أنفسنا.

وكلما سمع عن رغبة الأعداء فى تصفية الثورة ازداد إيماناً بها وحماساً لها، حتى اعتقد مخلصاً أن استمرارها أهم من استرداد الأرض المحتلة من الوطن العربى، إذ ما فائدة أن نسترد أرضاً ونخسر أنفسنا؟

كما أن استمرارها هو الضمانة الوحيدة لاسترداد الأرض، وهو أيضاً الضمان الوحيد لبعث الشعب العربى.

حسم «صادق» الأمر مع نفسه على هذا النحو، وكانت إجابته عن «سؤال الوهم» مقنعة بالنسبة له وقادرة على تهدئته، فهى فى أقل تقدير زينت له انحيازه إلى «دولة يوليو» وعجزه عن النكوص عنها، بعد أن جرى به العمر حتى رأى فكرته تهتز أمام عينيه، ولم يكن له وهو فى مثل هذا الظرف إلا أن يلجأ إلى التبرير، حتى ولو كان من نوع: «موش مهم أى حاجة.. المهم استمرار الثورة».

البشر كذلك فى أحوال، فهم لا يحبون أن يروا أفكارهم وقناعاتهم -فى لحظة- تهتز صورتها أمام أعينهم، وحين تدهمهم مثل هذه اللحظة فإنهم يعالجونها بلحظات -قد تطول أو تقصر- من الإنكار أو الاستخفاف فى أقل تقدير، فيهوِّنون من شأن ما حدث، حتى ولو كان بشعاً، ويصغّرون من مآلاته ونتائجه مهما عظمت، ويبررون بكل الصور استمرار الوهم الذى سكن رؤوسهم فى الواقع المعاش، بغضّ النظر عن التأثيرات البالغة لذلك.

نحن أمام نوع من البشر ينتمى إلى أحد طرازين: أولهما الطراز المؤمن بقناعاته ويرفض وضعها على مائدة المناقشة أو المراجعة، وثانيهما الطراز الذى يجيد لعبة الوهم والتوهم، ولا يجد غضاضة فى خداع نفسه، حتى يصمد أمام من يلومه على قناعاته السابقة، بل والمراوغة على الآخرين لتحقيق ذلك، كما فعل «صادق عبدالحميد» -أحد أبطال مرايا نجيب محفوظ- حين قال لهم: «لست غافلاً عن السلبيات، لكنها شر لا بد منه فى فترات الانتقال والتطور، فأنت بضربة واحدة موفقة تستطيع أن تغير الكثير، أما تغيير الطبائع فيلزمه وقت أطول بكثير».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا يفعل ماذا يفعل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab