يرمي بشرر

يرمي بشرر

يرمي بشرر

 العرب اليوم -

يرمي بشرر

بقلم - د. محمود خليل

شخصية قد تجد لها نماذج وأمثلة في أزمنة أخرى غير الزمان الذي وصفه نجيب محفوظ فيه. إنها شخصية "عبد الرحمن شعبان" في رواية المرايا.

الرجل الذي تعلم الفرنسية في بلد المنشأ -فرنسا- ثم عاد إلى القاهرة، ليعمل مترجماً في إحدى الهيئات الوزارية.

مثّل "عبد الرحمن" بالنسبة لمن حوله الصوت الآخر، أو اللسان القادر على تبيان وجه آخر من الصورة، لم يتعود عليه غيره.

إنه قادر على مفاجأة الجميع بآراء جديدة مثيرة في المنشدين، والمطربين، والموسيقيين، وغيرهم من نجوم المجتمع، تهد الصور النمطية الساكنة في عقولهم وأفئدتهم، وتهز قدسيتها مهما نعمت به من قدسية، وتشكك في قدراتهم وحجم موهبتهم.

الملمح الرئيس الذي ميّز شخصية عبد الرحمن هو الاستخفاف بكل الرموز والنجوم الذين يعجب بهم الناس، وتشويه صورتهم أمامهم بما يمتلكه من بلاغة لفظية.. من ذلك: أن رجال السياسة -ما قبل يوليو 1952- لا يصلحون موظفين مبتدئين في سفارة أجنبية.. والكتاب والأدباء -قبل 1952- أميون على المستوى العالمي.. ومن هو الشيخ علي محمود أو محمد عبد الوهاب أو أم كلثوم؟.. إن منادي السيارات في باريس قد يكون أندى صوتاً منهم.. كان عبد الرحمن يرى أن خير ما تمخضت عنه الحضارة المصرية هو الحشيش، ومع ذلك فما أقبحه مقارنة بالخمر.. أما غير ذلك فيعكس حالة غرق يعيشه المصريون في أوهام الكلمات حتى الموت: فهذه كوكب الشرق.. وهذا مطرب الملوك والأمراء.. وتلك سلطانة الطرب.. وذاك عاهل التمثيل في الشرق وهكذا.الناس فيما يعشقون مذاهب ولا شك، ولولا أن الشخصيات التي تشذ عن السائد تعد جزءاً من تركيبة الحياة، لما استدعى نجيب محفوظ شخصية "عبد الرحمن شعبان" ضمن شخصيات "المرايا".

وهي شخصية تعتمد على المنطق الحاد والكلمة الحاسمة الموجعة، والرأي القاطع، ولا تقيم وزناً لأي شىء في الواقع الذي خرجت منه، ويمثل الملمح الأخير مشكلتها الأساسية، فهي لا تبصر في واقعها غير القبيح.

رأى عبد الرحمن في الواقع الذي درس فيه (ببلاد فرنسا) كل جميل ومتألق.. وتعمد تقبيح كل شىء في واقعه المحلي، مهملاً أن للشرق جمالياته كما أن للغرب جماليات، وهناك من الغربيين من يعترف بجماليات الشرق.

عبد الرحمن شعبان "غاضب"، لذلك يرمي بشرر.. الغضب يدفع صاحبه في الكثير من الأحيان الاستغراق في النقد من أجل النقد "موش عاجبه العجب".. فالمصادرة الكاملة على كل شىء أو قيمة أو رمز أو موهبة يتفق عليها المجموع ليس له حظ من الموضوعية أو الاتزان في النظر إلى الحياة والأحياء.

وثمة وجه آخر لعبد الرحمن شعبان يتمثل في التماهي بالغرب والولع بكل ما يأتي من ناحيته، فهو يعتبر المستعمر النموذج الذي يتوجب احتذاؤه، وكان يضاحك من حوله قائلاً: "إن أولادكم وأحفادكم سيحتفلون بذكرى دخول الانجليز مصر مثلما يحتفلون بالمناسبات الدينية!".

هذا الوجه هو وجه "الذيلية" أو "التبعية" التي يهواها بعض المتماهين بالغرب.الطريف في حدوتة "عبد الرحمن شعبان" هو النهاية التي انتهى إليها. فقد اغتيل مع مجموعة من أحبائه الانجليز على يد مجموعة من الشباب الوطنيين الغاضبين.. كأن من عاش بالغضب أخذ في النهاية بسيف الغضب!.

arabstoday

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟

GMT 19:44 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

معايير الانتصار والهزيمة فى الحروب

GMT 19:43 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

دروس مستفادة من أحداث غزة ولبنان وسوريا

GMT 09:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

دولار ترمب

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:21 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هزيمة "حماس" لا تعني تجاوز الشعب الفلسطيني

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

صدمة ترامب

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مهنة البحث عن «الاحتراق»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يرمي بشرر يرمي بشرر



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

SpaceX تطلق 21 قمرًا صناعيًا من Starlink إلى المدار

GMT 05:56 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حريق جديد في لوس أنجلوس وسط رياح سانتا آنا

GMT 15:41 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعرض 65 مليون يورو لضم كامبياسو موهبة يوفنتوس

GMT 03:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استمرار غياب تيك توك عن متجري أبل وغوغل في أميركا

GMT 03:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

زلزال بالقرب من سواحل تركيا بقوة 5 درجات

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استشهاد مسؤول حزب الله في البقاع الغربي محمد حمادة

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 03:08 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع ضحايا حريق منتجع للتزلج في تركيا لـ76 قتيلًا

GMT 05:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الصين تختبر صاروخاً فضائياً قابل لإعادة الاستخدام

GMT 16:06 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تكشف ردود فعل الرجال على أغنيتها الجديدة

GMT 02:59 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

تحذيرات من رياح خطرة وحرائق جديدة في جنوب كاليفورنيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab