البحث عن «رشيد»

البحث عن «رشيد»

البحث عن «رشيد»

 العرب اليوم -

البحث عن «رشيد»

بقلم - د. محمود خليل

ظل حلم نبى الله لوط عليه السلام أن يجد بين قومه «رجلاً رشيداً».. يقول الله تعالى: « وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ».. ومرت رحلة «لوط» فى الحياة، دون أن يجد هذا الرجل، وكذلك رحلة الكثير من الأنبياء.البحث عن الرشد مثّل الدعوة التى دعاها أصحاب الكهف لأنفسهم وهم يفرون إلى الله: «رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا».

فقد عاشوا بين مجموعة بشرية ضالة وتدعو إلى الضلال، ورزقهم الله الهدى والإيمان، وعاشوا كذلك حتى جاءت لحظة بدأ أمرهم فيه بالتكشف، فقرروا الفرار برشدهم من المجتمع الضال.جوهر الرشد هو الهدى.. والعقل الراشد هو العقل القادر على تمييز الهدى من الضلال.. تجد هذا المعنى متألقاً فى قوله تعالى: «سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِى الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَى يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً».

ويبدو الرشد فى هذه الآية منحة إلهية، مثله فى ذلك مثل الهدى.والعقل الراشد هو العقل الحكيم القادر على التمييز بين الخطأ والصواب، وبالتالى تجده أقدر على التصرف السليم، تجد هذا المعنى حاضراً فى الآية الكريمة التى تقول: «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ».

وثمة معنى ثالث للرشد فى القرآن الكريم، تجده حاضراً فى الآية الكريمة التى يخاطب فيها نبى الله «موسى» عبدالله «الخضر» عليه السلام: «قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً»، إننا هنا أمام معنى للرشد يجعل منه أداة لفهم الحكمة الباطنة أو الأعمق التى تخفى على كثيرين، بالإضافة إلى معنى عدم التسرع فى الحكم على الأفعال أو الأشخاص، وقد عانى نبى الله موسى من ذلك حين تسرع فى الحكم على بعض الأفعال التى أتاها عبدالله «الخضر».

نخلص مما سبق إلى أن الرجل الرشيد ببساطة، يمتاز بثلاث خصال رئيسية، أولها القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وثانيها مهارة التمييز بين الخطأ والصواب، وثالثها القدرة على القراءة العميقة للأحداث والأفعال واستخلاص الحكمة منها.. والخصال الثلاث من السمات العزيزة التى لا تجدها بسهولة بين الساعين فى دروب الحياة.. فالحق بالنسبة للكثيرين مُر، والاعتراف به قد لا يمثل فضيلة فى نظر البعض، بل قد يضعهم فى اختبارات صعبة.. والخطأ أسهل بالنسبة للبعض من إلزام النفس بالصواب، فالخطأ أحياناً ما يكون فى باطنه المتعة، أما الصواب فقد يلقى بصاحبه فى محنة.. أما الحكمة فلا يؤتاها إلا القليل من البشر، إنها ثروة كبيرة لا تتوافر إلا لمن اختاره الله: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا».كان البحث عن رجل رشيد بالنسبة لنبى الله «لوط» أشبه بالبحث عن إبرة فى كوم قش.

   
arabstoday

GMT 19:33 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 19:29 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن «رشيد» البحث عن «رشيد»



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023

GMT 09:23 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

لغز اليمن... في ظلّ فشل الحروب الإيرانيّة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد تنضم إلى كريم عبد العزيز وياسمين صبري

GMT 19:45 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

هل سيغير ترمب شكل العالم؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab