البحث عن «سيد»

البحث عن «سيد»

البحث عن «سيد»

 العرب اليوم -

البحث عن «سيد»

بقلم - د. محمود خليل

من المشاهد اللافتة فى القرآن الكريم ذلك المشهد الذى تظهر فيه مجموعة بشرية وقد غلبها الاستغراب والتعجب من أن يبعث الله إليهم «رجلاً منهم» ينصحهم بتصحيح أوضاعهم.. وجه الاستغراب والعجب أنه «منهم» وكأن المجموعات التى تعانى خللاً فى تركيبتها وأدائها لا تتخيل أن يخرج منها رجل صالح يسعى إلى الإصلاح.

قوم «نوح» فعلوا ذلك مع نبيهم، إذ واجهوا بالحيرة والاستغراب مسألة أن يكون الله قد بعثه لهم نبياً.. يقول الله تعالى: «أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».

لم يتقبل قوم نوح فكرة أن يخرج منهم رجل مثلهم يوجه إليهم النصح ويحاول أن يرسم لهم خططاً لحياة جديدة.. كانوا يتساءلون: ماذا يزيد علينا نوح حتى يأخذ فينا هذه المكانة؟ لقد نظروا إليه كشخص وليس كفكر، والدليل على ذلك تعليقهم على نبوته: « مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرَّأْىِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ»، إنها لعبة تسفيه الآخر كقيمة ومكانة، دون التفات لخطابه الإصلاحى.. وهى واحدة من كبرى الآفات التى أثبتها القرآن الكريم على العديد من المجموعات البشرية، المتباينة زماناً ومكاناً، فى مواجهة أنبيائهم ومصلحيهم.

فبعد وفاة نوح -عليه السلام- تكرر رد الفعل نفسه مع العديد من أنبياء الله، حتى وصلت رحلة الحق إلى نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم، والذى واجهه قومه برد الفعل نفسه.. يقول الله تعالى: «أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ».. لقد تشابه رد فعل مشركى مكة ضد النبى صلى الله عليه وسلم مع من سبقهم من مجموعات بشرية ضد أنبيائهم، وانتهى بهم الأمر إلى اتهامه بالسحر، فى محاولة متكررة للاغتيال المعنوى.

لا تهوى المجموعات البشرية الخضوع لرجل عادى منها، وهى أميل فى أغلب الأحوال إلى الاستسلام والارتماء أمام من يستطيع إخافتهم وبالتالى إخضاعهم. وكأن من تعودوا على الاستبداد يبحثون باستمرار عن صاحب السطوة وليس صاحب الحق والحقيقة.

تجد ذلك واضحاً فى رد فعل أهل مكة على النبى صلى الله عليه وسلم، إذ لم يتوقفوا أمام محتوى الرسالة التى جاء بها، وما تدعو إليه، وما تحمله من وعود بواقع أكثر رشداً وقوة للعرب، وصرفوا تركيزهم إلى شخص النبى وموقعه من نخبة الحكم فى الجزيرة العربية.

يظهر ذلك جلياً فيما ينقله القرآن من قول بعضهم: «لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ»: والمقصود بالقريتين مكة والطائف، ويتفق كل من «ابن كثير» و«الطبرى» على أن عظيم مكة هو «الوليد بن المغيرة»، فى حين يذهب الطبرى إلى أن عظيم الطائف المقصود فى الآية هو عروة بن مسعود الثقفى، ويحدده «ابن كثير» فى «أبومسعود عمرو بن عمرو الثقفى» سيد ثقيف.

إنها لعبة البحث عن «سيد» التى تميل إلى لعبها المجموعات البشرية الأقل وعياً.

arabstoday

GMT 11:26 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

أزمة الوسيط العربى بين أطراف الصراع

GMT 18:57 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

هل تغمد أميركا سيفها الإعلامي؟

GMT 18:56 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

«بلبن».. ومناخ الاستثمار

GMT 18:55 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

مستر «كان»

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

خَواء في عقول مغلقة

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

مفهوم «الزمن» ومحاولات الإنكار

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

وفاة البابا فرنسيس.. خسارة لقضية السلام

GMT 10:49 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

غزة مسئولية من؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن «سيد» البحث عن «سيد»



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:18 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

اغتيال فاطمة حسونة منح فيلمها الحياة

GMT 03:01 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

سلاح حزب الله

GMT 03:10 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

القصة الإيرانية

GMT 00:55 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

3 غارات جوية أمريكية تستهدف منطقة نقم شرق صنعاء

GMT 00:51 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

هجوم روسي عنيف على أوديسا الأوكرانية

GMT 08:34 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

قطة تثير ضجة بين الصحفيين في البيت الأبيض

GMT 06:19 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 01:20 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

شهيدان برصاص الاحتلال في مدينتي غزة وخان يونس

GMT 00:53 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

سماع دوي صافرات الإنذار بمستوطنة إيلي زهاف

GMT 03:42 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

الحرب اللبنانية ــ الإسرائيلية عائدة... إلا إذا

GMT 05:37 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

على رُقعة الشطرنج

GMT 10:56 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

ناسا تطور أول مستشعر كمى فضائى لقياس الجاذبية

GMT 03:46 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس... رحيل صديق للعرب والمسلمين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab