«باش جراح» المحروسة

«باش جراح» المحروسة

«باش جراح» المحروسة

 العرب اليوم -

«باش جراح» المحروسة

بقلم - محمود خليل

 

الخطط التعليمية فى مصر أوائل القرن التاسع عشر كانت ترتكز على البعثات كأداة أساسية لإنتاج الكوادر المهنية القادرة على التأسيس والارتقاء بالمهن المختلفة فى مصر، وعلى رأسها بالطبع مهنة الطب، وانطلاقاً من ذلك سافر محمد على الحكيم فى بعثة لتعلم الطب فى فرنسا. وكان اختيار طلاب البعثات فى ذلك الوقت يتم طبقاً لمعايير دقيقة، وتقدم لهم الدولة راتباً شهرياً، تحدد فى 150 قرشاً، كان «الحكيم» يعطى 50 قرشاً منها لوالدته، ويستبقى 100 قرش لنفسه.. ويمنحك هذا التصرف مؤشراً على الوضع الاقتصادى للأسرة التى خرج منها «الحكيم»، فلم تكن بالثراء الذى يساعدها على الاستغناء عن مساعدته، بل كانت تستثمر فيه حين وجهته إلى التعليم، وتأملت أن يشق لهم هذا الفتى طريقاً يسلكونه ليصبحوا من الأسر الأكثر ارتكازاً على مستوى الوضعين الاجتماعى والاقتصادى.

مكث محمد على الحكيم يدرس فى مدرسة الطب بباريس، وأثبت تفوقاً ملحوظاً فى الدراسة، وخاض العديد من الامتحانات الشفوية ونجح فيها بتفوق، ولم يتبقَّ له إلا أن يقدم «رسالة» فى أحد أفرع الطب، تتناول أحد الأمراض الشائعة فى مصر، حتى يحصل على الدرجة العلمية المؤهلة له لكى يكون طبيباً مرموقاً، وهنا حدث ما لم يكن فى الحسبان، فقد وردت المكاتيب من مصر المحروسة له ولطلاب البعثة بالعودة فوراً إلى مصر، فعاد «الحكيم» يجر أذيال الخيبة والإحباط مع زملائه، ليكتشفوا فى مصر أن المخاطبة التى طالبتهم بالعودة صدرت بدون علم الوالى محمد على، وأن البيروقراطية المصرية العتيدة التى تحسبها بالنكلة والسحتوت هى السبب فى أمرهم بالعودة. تم تصحيح الموقف بتوجيهات من محمد على فعادت البعثة من جديد، واستكمل محمد على الحكيم مشواره.

كانت الرسالة التى أعدها محمد على الحكيم حول «الرمد الصديدى فى مصر» -كما يشير جرجى زيدان فى كتابه «تراجم مشاهير الشرق فى القرن التاسع عشر»- من الكفاءة بحيث أثارت إعجاب أساتذته الفرنسيين، ووصلت أخبار تفوقه وإعجاب الفرنسيين به إلى مصر، ما مكنه بمجرد العودة إليها -عام 1838- إلى أن يصبح «باش جراح» وأستاذاً للعمليات الجراحية الكبرى والصغرى والتشريح الجراحى. وقد كان مرض الرمد الصديدى من أكثر الأمراض شيوعاً بمصر فى ذلك الوقت وكان سبباً فى إصابة الكثيرين بالعمى.

أنعم الوالى على محمد على الحكيم برتبة «صاغقول أغاسى»، وهى رتبة رائد، ورُقى بعدها إلى رتبة بكباشى (مقدم)، وكان أى مهنى فى ذلك الوقت يبلغ مبلغاً معيناً من العلم يكافأ برتبة فى جيش الوالى، يتحدد على أساسها راتبه ومكتسباته. وقد بلغ محمد على البقلى الملقب بـ«الحكيم» بعد ذلك رتبة أمير ألاى (عميد)، وفاز بالعديد من المناصب والنياشين الرفيعة تقديراً لجهوده فى خدمة المرضى والعمل الطبى فى مصر، ورغم النجاحات التى حققها عبر رحلته والتى نقلته ونقلت أسرته نقلة كبيرة على المستويين الاجتماعى والاقتصادى، فإن هذه الرحلة لم تخلُ من العديد من الأحداث الدرامية المثيرة، خصوصاً فى علاقته بحكام الدولة العلوية.. وكان أكثرها إثارة حادثة وفاته.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«باش جراح» المحروسة «باش جراح» المحروسة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab