نظرية «التلاوة بالمعنى»

نظرية «التلاوة بالمعنى»

نظرية «التلاوة بالمعنى»

 العرب اليوم -

نظرية «التلاوة بالمعنى»

بقلم - د. محمود خليل

تمتع الشيخ محمد رفعت بوعي كبير بمتطلبات المهمة التي هيأته الأقدار لها.. لقد حباه الله حنجرة ذهبية، استثنائية، لم يملكها أحد من قبله، لكنه أراد أن يسلحها بالعلم، يقول "أحمد البلك" صاحب كتاب: "أشهر من قرأ القرآن في العصر الحديث": "تلقى الشيخ محمد رفعت دروساً في تفسير القرآن الكريم والقراءات السبع. وتعلم فن التجويد على يد أستاذيه: الشيخ محمد البغدادي والشيخ السمالوطي، ثم اتجه صقلاً لموهبته إلى دراسة الموسيقى ليتعلم قواعدها وأصولها، وحفظ مئات الأدوار والتواشيح والقصائد الدينية، وتعلم مبادىء العزف على العود وبعض الآلات الموسيقية الأخرى".

كان الشيخ عقلاً ملهماً، وانطلاقه في رحلة الإعداد من دراسة التفسير يدلل على ذلك. فواحدة من الآفات الكبرى في عالمنا الإسلامي أن الاهتمام بحفظ آيات القرآن الكريم، يفوق الاهتمام بفهم معانيها وما تحمله من تعاليم وقيم وأخلاقيات وتوجيهات اجتماعية وإنسانية سامية. نحن نعرف مسابقات "حفظ القرآن الكريم"، لكننا لا نعرف في المقابل مسابقات تختبر فهم المعاني الجليلة لكتاب الله. كان ثمة حكمة كبيرة في اتجاه الشيخ "رفعت" إلى دراسة تفسير القرآن، فقد أراد أن يتذوق كل معنى، كل كلمة، كل جملة، وكل آية من آياته الكريمة، ذلك لأنه لم يبتغ مجرد إطراب مستمعيه، بل استهدف دفعهم إلى تذوق المعنى، والانشغال به، قبل حلاوة الصوت أو التلاوة، لذا كان من الطبيعي أن تجد الكثيرين يرون أن أهم ما يميز تلاوة الشيخ محمد رفعت أنها تيسر لسامعيها فهم معاني الآيات التي يتلوها.

وجزء من نظرية "التلاوة بالمعنى"، التي يمكن القول بأنها كانت إبداعاً خالصاً للشيخ محمد رفعت، يتعلق بتوظيف القراءات السبع، وقد تعلمها الشيخ في صباه حتى أتقنها كاملة، وحينما لجأ إليها في تلاوة القرآن كان يتعمد أن يوظفها لإثراء وتنويع المعنى الذي تشير إليه الآيات بعبقرية لم يسبقه إليها غيره. ومن النماذج على نظرية التلاوة بالمعنى التي اشتقها الشيخ محمد رفعت ما حكاه الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي في أحد برامجه التليفزيونية، حين روى أنه كان يستمع إلى الشيخ محمد رفعت وهو يتلو الآية الكريمة من سورة ابراهيم التي تقول: "وآتاكم من كل ما سألتموه"، فقرأها وصلاً تأكيداً على المعنى الذي تحمله الآية، وهو أن الله تعالى رزق البشر من كل الذي سألوه إياه، ثم قرأها فصلاً، فتلا :"وآتاكم من كلٍ" ثم سكت سكتة لطيفة وواصل "ما سألتموه"، تأكيداً على معنى أن الله تعالى آتى البشر من كل شىء، حتى من قبل أن يسألوه.

إنه نور المعاني القرآنية التي سكنت قلب الشيخ محمد رفعت، وحرص كل الحرص على أن يعيش بكل مشاعره وأحساسيسه كل معنى فيها، وهو يتلو آيات الذكر الحكيم على مستمعيه، وربما ساعدنا ذلك على فهم "الإحساس بالأسر" الذي ينتاب المستمع للقرآن الكريم بصوت الشيخ رفعت، ويدفعه إلى "التحليق في سماء الروحانيات"، إنه الإحساس المرهف بالمعنى الذي يذوب فيه قلب الشيخ، ليتردد بعدها على لسانه، فيأسر أذن المستمع، ويتسرب بعدها إلى قلبه، ليحلق به بعيداً.

arabstoday

GMT 13:37 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

امتحان داخلي وعربي ودولي للبنان

GMT 13:35 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

أوروبا… إذا خسرت حرب أوكرانيا

GMT 13:29 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

السياسات الأميركية... خطوط متداخلة ومفاجآت

GMT 13:27 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

عبير الكتب: الفتنة وهشام جعيط

GMT 13:25 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

شبحان فرنسيان والرئيس ماكرون

GMT 13:24 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

طهران وتعدد الوسطاء

GMT 13:23 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

أوروبا على المحك

GMT 13:20 2025 الجمعة ,14 آذار/ مارس

الدبلوماسية المسؤولة «2-2»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرية «التلاوة بالمعنى» نظرية «التلاوة بالمعنى»



الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:58 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

أحمد العوضي يكشف كواليس قبوله "فهد البطل"
 العرب اليوم - أحمد العوضي يكشف كواليس قبوله "فهد البطل"

GMT 06:29 2025 الخميس ,13 آذار/ مارس

سوريا: تحدّيات الاستقرار والوحدة

GMT 11:42 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

تليين إيران أو تركيعها: لا قرار في واشنطن؟

GMT 07:01 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

فرصة كي يثبت الشرع أنّه ليس «الجولاني»...

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab