بقلم - محمود خليل
سعيد بن زيد هو ابن عم عمر بن الخطاب، ولا نستطيع أن نحدد العلاقة بين الطرفين قبل الإسلام على نحو دقيق، فهناك مؤشر يدل على أنها كانت جيدة، يتمثل فى زواج «سعيد» من فاطمة بنت الخطاب، شقيقة «عمر»، وهناك مؤشر آخر يدل على أنها كانت فاترة، وأن «عمر» لم يكن يهتم بأمر شقيقته ولا زوجها، تستطيع أن تستخلصه من واقعة إسلام عمر بن الخطاب. فقد استفز أمر محمد ودعوته كبار أهل مكة، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، فقرر فى لحظة أن يقتل محمداً، فاتشح بسيفه وخرج إليه، سأله نعيم بن عبدالله، وقد رأى الشر فى عينيه: ماذا تريد يا «عمر»؟ فأجاب: أريد محمداً، هذا الصابئ الذى فرّق أمر قريش، وسفّه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها، فأقتله، فقال له «نعيم»: والله لقد غرتك نفسك يا «عمر» أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الأرض وقد قتلت محمداً؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال: وأى أهل بيتى؟ قال: ختنك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك فاطمة فقد والله أسلما وتابعا محمداً، صلى الله عليه وسلم، على دينه، فعليك بهما. هذه الرواية تدل على أن «عمر» لم يكن يهتم كثيراً بأمر سعيد بن زيد ولا شقيقته التى زوجها له، وحين ذهب إليهما كان أول شىء يفعله هو الاعتداء عليهما الاثنين، وقد بطش أول ما بطش بـ«سعيد» وحين قامت زوجته تكفه عنه شجها.
ورغم أن عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد كانا من طبقة اجتماعية واحدة، وكان «سعيد» أسبق من «عمر» إسلاماً، إلا أن «عمر» تمتع بمكانة كبيرة فى الإسلام، وأبرزت كل كتب التاريخ دوره فى عصر النبى، صلى الله عليه وسلم، فى حين لم تذكر دوراً ذا بال لـ«سعيد»، وقد لعب «عمر» دوراً مهماً فى حسم الخلافة لصالح أبى بكر بعد وفاة النبى، وتولى الخلافة بعده. لم يحضر سعيد بن زيد فى أى من المشاهد العمرية، بعد مشهد دخول «عمر» الإسلام. والمشهد الوحيد الذى كان يتوجب أن يحضر فيه «سعيد» اختفى دون مبرر واضح، وهو مشهد تسمية أهل الشورى خلال اللحظات الأخيرة من حياة عمر بن الخطاب.
تعلم أنه لما طُعن عمر بن الخطاب، وتيقن مَن حوله أنه لن ينجو، نصحوه بأن يوصى بالأمر من بعده. فجعل الأمر فى ستة يختارون واحداً منهم للخلافة، هم: على بن أبى طالب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبى وقاص، وعبدالرحمن بن عوف. كانت حجة «عمر» فى اختيار الستة أن رسول الله مات وهو عنهم راضٍ، والستة كما تعلم من المبشرين بالجنة.. والسؤال: لماذا لم يكن سعيد بن زيد محل اختيار «عمر»؟ هل المسألة ترتبط بأن «عمر» أراد ألا يجعل الأمر من بعده فى أحد من عائلته، وكما رفض أن يضع عبدالله بن عمر ضمن أهل الشورى، لم يفكر فى أن يضع سعيد بن زيد؟ لكن الأمر مختلف بالنسبة لـ«سعيد»، لأنه مثل الستة مات رسول الله وهو عنه راضٍ، وبالتالى فالاختيار هنا لرسول الله.
إذاً لماذا لم يختر عمر بن الخطاب سعيد بن زيد ضمن أهل الشورى؟