«ونجيناه من الغم»

«ونجيناه من الغم»

«ونجيناه من الغم»

 العرب اليوم -

«ونجيناه من الغم»

بقلم - د. محمود خليل

محنة نبى الله «يونس» عليه السلام كانت فى «الغم».. وما أشق الغم من محنة، إنه الإحساس الذى إذا غلب على الحياة سمَّمها. وإذا كان لكل سُم ترياق، فإن تسمُّم الحياة الناتج عن الغم لا ترياق له، إلا رحمة الخالق العظيم. يقول الله تعالى: «وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِى الْمُؤْمِنِينَ».

الغم لغة معناه الكرب والحزن الذى يصيب الإنسان لسبب ما. والكرب وصف لحالة التعاسة التى يمكن أن تصيب الإنسان، وجوهره المعاناة النفسية الناتجة عن فقد حبيب أو عزيز، أو العجز عن إدراك شىء فى الدنيا يسبب السعادة.

ولعلك تذكر تلك الواقعة التى دخلت فيها «فاطمة الزهراء»، رضى عنها، على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو فى مرضه الأخير.

نظرت الابنة (أم أبيها) إلى أبيها الحنون، وهو على هذه الحال، فتوجَّع قلبها وصرخ لسانها: «واكرباه»، تنبَّه قلب الأب إلى الابنة، ففتح عينيه ونظر إليها نظرة عطوفاً، وقال لها: يا فاطمة.. لا كرب على أبيك بعد اليوم. لقد أراد صلى الله عليه وسلم أن يقول لها إنه راحل عن أرض الأحزان إلى سماء السلام والرحمة.. ذلك معنى الكرب والخروج من الكرب.. أما الحزن فيعنى الألم النفسى الذى يقترن بشعور الإنسان بالعجز والبؤس.. وقد كان النبى، صلى الله عليه وسلم، يستعيذ بالله من الهم والحزن.

اجتمع الإحساسان الموجعان على نبى الله «يونس» وهو فى بطن الحوت: إحساس الكرب، وإحساس الحزن، ولم يُنجه مما هو فيه إلا التسبيح: «فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ».

ذكر الله تعالى وتذكَّر أنه وحده القادر على أن يبدل من حال إلى حال، وأن ينتشل الإنسان من كربه، ويمد إليه طوق النجاة من الغرق فى لجة الأحزان.. الذكر فى لحظة الكرب والحزن يُعد تجسيداً عملياً لمعنى الفرار إلى الله.. إنها اللحظة التى يدرك فيها المكروب الحزين ألا ملجأ من الله إلا إليه.

لما استقر «يونس» فى بطن «الحوت» ظن أنه مات، لكنه أخذ يحرك جوارحه فتحركت، فأدرك أنه ما زال على قيد الحياة، فاتخذ من كهف حوته مسجداً، واتجه بمجامع نفسه إلى الله سبحانه وتعالى وأنشأ يسبح: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ».

يقول «ابن كثير» فى كتابه «قصص الأنبياء»: «معنى الآية أنه لولا سبَّح الله هنالك، وقال ما قال من التسبيح والتهليل، والاعتراف لله بالخضوع، والتوبة والرجوع إليه للبث هنالك إلى يوم القيامة».

الحزن حالة تعترى الإنسان العادى، مثلما حدث للصحابة الأجلاء الذين فاضت أعينهم من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون على ركوبة تحملهم إلى الجهاد فى سبيل الله، وتصيب أنبياء الله، كما حدث مع يعقوب: «وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ».

ولا نجاة منه إلا بتصحيح مسيرة الإنسان فى الحياة، حتى يمن الله بالخروج من بئره.فى كل الأحوال يظل الحزن جزءاً من الحياة الإنسانية، وأداة من أدوات تطهير الإنسان، ولا خلاص منه إلا بالله وعند الله: «وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ».

arabstoday

GMT 06:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 06:26 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 06:22 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

نحن واللحظة الحاسمة

GMT 06:16 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... القول ما قالت «ندى» الجميلة!

GMT 06:14 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

GMT 06:12 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

المعادلة الصعبة في الشرق الأوسط

GMT 06:09 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان.. وقرار أممى

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية واستحقاقات الحرب السرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ونجيناه من الغم» «ونجيناه من الغم»



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها
 العرب اليوم - حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 13:29 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025
 العرب اليوم - محمد فراج يكشف عن مشاركته في دراما رمضان المقبل 2025

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان
 العرب اليوم - غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي

GMT 00:00 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الشريف يتحدث عن عقدته بسبب يوسف شاهين

GMT 07:57 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نتائج "مايكروسوفت" و"ميتا" تهبط بأسهم "ناسداك" 2.8%

GMT 12:23 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالنسيا في شرق إسبانيا إلى 205
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab