رجل عرف طريقه

رجل عرف طريقه

رجل عرف طريقه

 العرب اليوم -

رجل عرف طريقه

بقلم - د. محمود خليل

تقدم شخصية "ذي القرنين" نموذجاً قرآنياً آخر على الشخصية المقاتلة. فبداية يقرر القرآن وهو يقص علينا قصته أننا بصدد شخصية استثنائية، تمتلك في تركيبتها ما لا يملكه غيرها: "إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شىء سببا فأتبع سببا"، فهي شخصية واعية إيمانياً، ومدركة أن التمكين في الأرض بيد الله ابتداء، لكنها أيضاً تفهم ضرورة الأخذ بالأسباب، وامتلاك الأدوات القادرة على تحقيق الأهداف، فكل هدف وله وسيلة، كما أن لكل شىء سبباً، وعلى الشخصية المقاتلة أن تتبع الأسباب حتى تصل إلى النتائج، وكذلك كان يفعل "ذو القرنين".

الشخصية المقاتلة كما حكيت لك، لا تعتمد على الشعارات أو التنظيرات الفارغة، بل على العلم والإدراك العميق للأسباب، وحسن بناء المقدمات للوصول إلى النتائج والأهداف المرجوة. الوعي بالأسباب هو ما يؤدي إلى إجادة تحديد الأهداف والتخطيط الناجح لتحقيقها.وحين بلغ "ذو القرنين" نقطة مغيب الشمس عاش اختبار الإرادة: "حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا". جماعة البشر الذين التقاهم "ذو القرنين" في هذا الموضع كانوا مثل كل الجماعات البشرية، فيهم الصالح وفيهم المفسد، فيهم المؤمن الراضي وفيهم الجبار في الأرض.

كان "ذو القرنين" من أصحاب الإرادة الواعية، وكان قراره حاسماً حين وجد نفسه أمام هذه المجموعة المتنوعة من البشر، فقرر أن يمد يد الإحسان إلى المؤمن ولو كان ضعيفاً، ويخفض جناحه له، شأنه شأن أي شخصية مقاتلة نبيلة، لا تمارس قوتها على الضعيف، بل تجعلها مظلة حماية له، أما من ظلم وتجبر وتكبر في الأرض فسيستخدم معه أدوات قوته، حتى يتعلم كل قوي أن هناك من هو أقوى منه، وأن الحول والقوة في النهابة من الله، صاحب الحول والقوة.. يقول الله تعالى: "قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا".

تنبه الآية الكريمة إلى أن أصل الإيمان هو العمل الصالح، وليس مجرد ترديد الكلام الطيب باللسان، وصاحب العمل الصالح يجد في حالات ضعفه يداً قوية تمتد إليه بالحماية والرعاية، يمكنك الاستدلال على ذلك من الإشارة إلى الكيفية التي تخفض بها الشخصية المقاتلة جناحها للمستضعفين: "وسنقول له من أمرنا يسرا".

هذا التعاطف مع المستضعفين كسمة من سمات الشخصية المقاتلة ظهر تفصيلاً في شخصية "ذي القرنين"، حين مر على قوم يعيشون تهديداً يومياً من جانب قوة طاغية يجدون أنفسهم عاجزين عن مواجهتها: "قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا".

ويحمل وصف "يأجوج ومأجوج" دلالة رمزية إلى القوة القاهرة التي يعجز أمامها الضعاف، ولا يقوون على مواجهتها إلا حين تظهر بينهم شخصية مقاتلة، تقودهم في مواجهة حاسمة معها، تؤدي إلى القضاء عليها.إنها من جديد الشخصية المقاتلة التي تعرف الطريق إلى نصرة المستضعفين.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجل عرف طريقه رجل عرف طريقه



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة
 العرب اليوم - خالد النبوي يوجه نصيحة لنجله ويكشف عن أعماله الجديدة

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab