بقلم - د. محمود خليل
يعد جيل الشباب في المرحلة العمرية من ( 20- أقل من 30 عاماً) والذى نصفه بـ«الجيل زد» فاعلاً أساسياً فى التفاعلات السياسية التى تشهدها المجتمعات المعاصرة.
ففى سياق أى عملية انتخابية داخل أى مجتمع يمثل هذا الجيل كتلة تصويتية كبيرة، تستطيع أن تتحكم فى نتيجة الانتخابات. ويمتاز هذا الجيل -خلافاً للأجيال التى سبقته- بميل أكبر نحو المشاركة وإبداء الرأى، والأخطر أنه يجيد التحرك ككتلة، تتأثر ببعضها البعض بشكل متماسك (جروب)، وتفيدها تكنولوجيا التواصل الاجتماعى على هذا المستوى أيما فائدة.
وقد ظهر أثر وتأثير هذا الجيل فى العديد من المشاهد الانتخابية مؤخراً، بدءاً من انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2020، وانتهاءً بانتخابات الرئاسة فى تركيا عام 2023.المسألة لم تعد تقتصر على المشاهد الانتخابية، بل امتد تأثير الجيل «زد» إلى فعاليات الاحتجاج السياسى، فعلى هامش الاضطرابات العنصرية التى شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية عام 2020 ظهر دور الجيل «زد» فى مقاومة العنصرية المؤسساتية الموجهة إلى السود فى الولايات المتحدة، سواء بالاحتجاج السلمى، أو بالتعبير العنيف عن رفض العنصرية بكافة أشكالها.
والأمر نفسه تكرر فى فرنسا على هامش مقتل الشاب «نائل المرزوقى» برصاص شرطى، حين اندلعت احتجاجات قادتها مجموعات من شباب الضواحى بمدن فرنسا المختلفة، وكان أغلبهم من المنتمين إلى الجيل «زد»، وشهدت أعمال عنف امتدت إلى العديد من ضواحى العاصمة الفرنسية باريس.
هذه المشاهد وغيرها تمنحك مؤشراً عن الإيجابية السياسية التى يتمتع بها الجيل زد، وهى مسألة ترتبط بتركيبة أفراده، الذين يمتازون أكثر من غيرهم بالتمسك بحريتهم، وحقهم فى التعبير عن رأيهم، وتحديد ردود فعلهم على الأحداث السياسية بالصورة التى يرونها، بالإضافة إلى ما يتمتعون به من جرأة وثقة بالنفس، يدعمهما باستمرار الإحساس بامتلاك أدوات التكنولوجيا والقدرة على استخدامها بمهارة تفوق أى جيل آخر، وعن طريق هذه التكنولوجيا يستطيع أفراد الجيل زد أن يجدوا بعضهم البعض، ويؤثروا فى بعضهم البعض.
ويكاد يكون أفراد هذا الجيل المسيطرين الحقيقيين على فضاء التواصل الاجتماعى، والأنشط فى إنتاج المحتوى عليه، خلافاً للأجيال الأخرى التى يعتمد تفاعلها مع المواقع على فكرة الاستقبال السلبى، وعبر منصات التواصل يجتهد أفراد الجيل زد فى التعبير عن أنفسهم ونقل رؤاهم السياسية حول الأحداث والأفكار التى تتفاعل فى الواقع.
ومن المتوقع أن يزداد تأثير هذا الجيل فى المشاهد السياسية المعاصرة بمرور الوقت، ومؤكد أن تأثير الشباب داخل المجتمعات المختلفة سوف يتضاعف حين يلتحم مع «زد» الجيل التالى له والذى يوصف بـ«الجيل ألفا»، من مواليد 2010 وما بعدها.
فهذان الجيلان (شباباً ومراهقين) يمكن أن يشكلا معاً كتلة كبيرة يصح أن يكون لها تأثير هائل على العديد من المشاهد السياسية داخل دول العالم المختلفة، ولن يتوقف تأثير هذه الكتلة عند الواقع المحلى، بل سيتجاوزه إلى الواقع الخارجى، والسياسات الخارجية أيضاً.