ماذا لو عاد المسيح

ماذا لو عاد المسيح؟

ماذا لو عاد المسيح؟

 العرب اليوم -

ماذا لو عاد المسيح

بقلم - د. محمود خليل

فى كتابه «عبقرية المسيح» يطرح الكاتب الكبير عباس محمود العقاد هذا السؤال: ماذا لو عاد المسيح؟ وذلك عقب رحلة شيقة أبحر فيها عبر حياة المسيح، عليه السلام.

اقتبس «العقاد» السؤال من إحدى روايات الكاتب الروسى العظيم دستوفيسكى، يتخيل أحد أبطالها أن المسيح عاد إلى الأرض مرة ثانية فى زمن محاكم التفتيش فى الأندلس (إسبانيا حالياً)، فهرع إليه الحزانى والمستضعفون، فضمد جراحهم وواسى أحزانهم، وبينما هو كذلك، إذ برجال رئيس ديوان التفتيش يحيطون به، ويقبضون عليه ويسوقونه إلى ساحة المحكمة.

وقف المسيح أمام رئيس ديوان التفتيش، فسأله الأخير: لماذا جئت إلى هنا؟.. لماذا تعوقنا وتلقى فى طريقنا العثرات؟.. لقد كلفت الناس ما لا طاقة لهم به، كلفتهم حرية الضمير، ومهمة التمييز بين الخير والشر بأنفسهم، ويؤكد رئيس الديوان بعد ذلك أن هذا التكليف هو سر شقاء الناس، أما «ديوان التفتيش»، الذى بات يسيطر على الناس، فقد عرف مشكلتهم وشخّص داءهم، فأعفاهم من هذا التكليف، ووجههم إلى تنويم ضميرهم، وبات يختار بالنيابة عنهم، ولم يعد مطلوباً منهم إلا أن يسمعوا منه ويطيعوا.. فلماذا يعود المسيح من جديد ليحدِّث الناس بحديث الاختيار وحرية الضمير؟

رأى رئيس ديوان التفتيش أن الخير للناس أن يتنازلوا عن حقهم فى الاختيار، وأن ينوب عنهم غيرهم فى ذلك، وأن الأكثر راحة للإنسان أن يضع ضميره فى ثلاجة حتى يتجمد ويصبح عاجزاً عن تحريكه. فالناس لا تحب المسئولية التى تترتب على الحرية، وتريد أن تسلك فى الحياة بلا ضمير يؤنبها ويردعها ويقول لها فى لحظة إن هذا الطريق خطأ وعليهم التوقف عن السير فيه، وإن الطريق الصواب أحق بالسير فيه، ولو كان مفروشاً بالتعب والألم.. واختتم رئيس ديوان التفتيش حديثه قائلاً: «لماذا تريد من الإنسان أن يفتح عينيه من جديد وأن يتطلع إلى المعرفة وأن يختار لنفسه ما يشاء، وهو لا يعلم ما يشاء؟.. دع هذا الإنسان لنا وارجع من حيث أتيت، وإلا أسلمناك لهذا الإنسان غداً، وسلطناه عليك، وحاسبناك بآياتك، وأخذناك بمعجزاتك.. ولترين غداً هذا الشعب الذى لثم قدميك اليوم مقبلاً علينا مبتهلاً لنا أن نخلصه منك وأن ندينك كما ندين الضحايا من المعذبين والمحرقين».

يا لروعة «دستوفيسكى» إنه ببساطة يريد أن يقول إن المسيح، عليه السلام، يسكن قلب العبد المؤمن، وتجرى تعاليمه بداخله مجرى الدم من العروق، وتمسك الإنسان بهذه التعاليم هو ما يجعل المسيح يعود من جديد، أما تنازله طوعاً عن تعاليمه، وتخليه عن حقه فى الاختيار وحرية ضميره، فيعنى أنه قرر إخراج المسيح من قلبه، وأسلم روحه لمن يستعبدها ويسيطر عليها، ويلوثها، ويدفعها دفعاً إلى الهلاك.. وعندما ذكر رئيس ديوان التفتيش فى هذا الحوار المتخيل أن بإمكانه أن يسلم المسيح فى الغد لمن يلثمون قدميه اليوم، فيثورون عليه ويطالبون بمحاكمته، لم يكن بعيداً عن تلك الحقيقة.. فالنفس التى تثور على التعاليم هى نفس ثائرة ومتمردة على صاحب التعاليم ذاته.

arabstoday

GMT 07:04 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 06:59 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 06:56 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 06:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 06:51 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 06:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 06:46 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

GMT 06:44 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هيثم المالح وإليسا... بلا حدود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو عاد المسيح ماذا لو عاد المسيح



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران

GMT 08:44 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشرى تكشف أولى مفاجآتها في العام الجديد

GMT 09:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شهداء وجرحى في قصف متواصل على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab