لخبطة «ما بعد الحقيقة»

لخبطة «ما بعد الحقيقة»

لخبطة «ما بعد الحقيقة»

 العرب اليوم -

لخبطة «ما بعد الحقيقة»

بقلم - د. محمود خليل

المسيطرون على الواقع هم أكثر الناس استفادة من حالة اللخبطة التى يقع فيها المجموع، سواء أكانوا مسيطرين عالميين أم محليين، فالسيولة التى يخلقها التشوش عادة ما تكون أفيد فى السيطرة على الناس، وهى تُعجز العقلاء عن تصحيح أوضاع الفكر السائد، والاقتراب به من مربع التماسك أو الخطوط الواضحة، السيولة هى أساس اللخبطة، وجوهر اللخبطة الجهل بالأشياء.

قال الإمام الشافعى رحمة الله: «ما جادلت عالماً إلا وغلبته، وما جادلت جاهلاً إلا وغلبنى». فالعالم له عقل محكوم بمنهج يسهل لمن يعلم أن يلج إليه ويدخل إلى عالمه ويلزمه الحجة ويقنعه، أما الجاهل فعقل مشوش تأتيه يميناً يأتيك شمالاً، تأتيه من الشمال يروغ إلى اليمين وهكذا.العالم المعاصر يفضل المشوشين على من عداهم، فهم وحدهم الزبائن المخلصون لعصر ما بعد الحقيقة، أو عصر الهوى والغرض، وتغليب العواطف، وعدم التردد فى الاعتماد على الأكاذيب، إنه ببساطة العصر الذى لا يعبأ بالحقائق، إلا إذا كانت تعمل لصالح المسيطرين، وفيما عدا ذلك فإنه يلجأ إلى كل ما يعاكس الحقيقة من أجل السيطرة على خلق الله.

عالم ما بعد الحقيقة هو عالم «اللخبطة» بامتياز، ويعتمد كهنته على أداتين أساسيتين فى تشويش العقول المستهدفة، الأولى هى الصدمة، والثانية الكذب.يصف الأفراد الشخص فاقد القدرة على التفكير أو التمييز بين الأشياء بأنه «مخبوط على دماغه». فالطرق العنيف على العقل، وهز الوجدان بعنف، يتسببان فى اختلال توازن الفرد، وذلك ما تفعله الصدمات بالبشر فى كل زمان ومكان سواء كانت صدمات نفسية أو عقلية أو مادية أو صدمات تترتب على كوارث طبيعية.

فالصدمات قد تكون طبيعية أو مصنوعة، وفى الحالتين تترك الأثر نفسه على الشخص، إذ تشل عقله عن التفكير وتربك وجدانه، بصورة تهيئه لقبول ما لم يكن يتصور أن يقبله -عقلاً أو وجداناً- قبل الصدمة.

لعب المسيطرون عالمياً هذه اللعبة فى العديد من الأماكن التى استهدفوا السيطرة على أهلها أو مقدراتها، وأفلحوا فى ذلك.الكذب هو الوسيلة الثانية للسيطرة فى عصر ما بعد الحقيقة، فكل شىء قابل للتزييف فى هذا العصر، وأشد الحقائق رسوخاً يمكن أن يتم هزها بطرق شديدة البساطة، عبر الشائعات أو نثر الأكاذيب على مواقع التواصل الاجتماعى، وتكرار الكذبة -كما تعلم- يمنحها قوة أكبر فى مواجهة الحقيقة، ليتم قبولها وترويجها والدفاع عنها.

ليس ذلك وفقط بل هناك أيضاً الدق على وتر العواطف، فالتأثير العاطفى على المجموع يعد هدفاً أساسياً للمسيطرين فى عصر ما بعد الحقيقة، فالعاطفة تحرك الإنسان أكثر مما يحركه العقل، بل إنها أحياناً ما تؤدى إلى تعطيل العقل عن التفكير.حين يغيب الحق والحقيقة لا بد وأن ينتعش الضلال، والله تعالى يقول فى كتابه الكريم: «فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ»، وحين تتوارى الحقائق إلى الظل يصبح نشر الأكاذيب والأضاليل صناعة تجلب الرزق للبعض، والله تعالى يقول: «وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ».. والعجيب أن تجد أن من يشتكون من أثر الضلالات والأكاذيب هم من يروجونها!

arabstoday

GMT 07:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 07:15 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ما بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 07:12 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ليس نصراً ولا هزيمة إنما دروس للمستقبل

GMT 06:46 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

العلاقات التركية السورية تاريخ معقد

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لخبطة «ما بعد الحقيقة» لخبطة «ما بعد الحقيقة»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين
 العرب اليوم - نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab