الجاهل السعيد

الجاهل السعيد

الجاهل السعيد

 العرب اليوم -

الجاهل السعيد

بقلم - د. محمود خليل

فى فيلم «المراكبى»، تأليف الكاتب «أحمد عوض»، وإخراج «كريم ضياء الدين»، وبطولة المبدع الراحل «صلاح السعدنى»، تسمع حواراً لافتاً يجيب فيه عم أحمد المراكبى عن سؤال: أيهما أفضل للإنسان: العلم أم الجهل؟ أغلب الناس ستجيب: «العلم» أفضل طبعاً، والمثل المصرى يقول: «العلم بالشىء ولا الجهل بيه»، لكن المراكبى كانت له وجهة نظر عكسية، إذ رأى أن الجهل خير للإنسان من العلم، وشرح وجهة نظره قائلاً: «العلام بيفتح المخ.. بس ساعات تفتيحة المخ ده بتخلى البنى آدم نكدى.. أصله بيفهم حاجات فى الدنيا.. تخلى الدنيا تضيق فى عينه.. وتبقى دنيته وحشة.. إنما الجاهل بيبقى مرتاح».

فكرة ترجيح الجهل على العلم قديمة قدم بيت الشعر الذى كتبه «المتنبى» وفيه قال: «ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله.. وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعم».. وهى فكرة ليست صالحة فى أغلب الأحوال، قد تكون صالحة فى بعضها فقط. فالعلم أساس الحياة الأكثر نجاحاً واتزاناً، وأظن أن «المتنبى» كان يفكر فى السعادة وهو يرجح العلم على الجهل، وهو أيضاً ما أفصح عنه عم أحمد المراكبى، حين قال: «ساعات تفتيحة المخ ده بتخلى البنى آدم نكدى». فالمعرفة أحياناً ما تؤدى إلى التعاسة. وقد كان نبى الله داود يردد فى سفر الجامعة: «فى كثرة الحكمة كثرة الغم، والذى يزيد علماً يزيد حزناً».

وترتيباً على ما سبق قد يصح القول إن الإنسان المنتمى إلى عصر «انفجار المعلومات»، الذى نحيا فى ظلاله منذ عدة سنوات، هو أكثر أجيال البشر حزناً وهماً وغماً، لأن المعلومة تحيط به من كل اتجاه، وحين يريدها تصبح عند أطراف أصابعه بأقل مجهود ممكن، وهو ليس بحاجة إلى البحث عن المعلومات، بعد أن أصبحت المعلومات هى التى تبحث عنه. زمان كان الإنسان هو الذى «يسرّش» عن المعلومة، لكن اليوم أصبحت الخوارزميات تلتقط اهتماماتك بمنتهى اليسر والسيولة، لتبدأ المواقع فى بث المعلومات التى تهتم بها إليك، فبعد أن تكاثرت المعلومات وتزايدت انطلقت تبحث عن صاحبها.

لقد تحدث المراكبى عن العلم الذى يُتعس صاحبه فى زمن لم تكن قد انفجرت فيه ثورة المعلومات وتنوعت أدواتها بالصورة التى عاشها الإنسان فيما بعد، المراكبى كان يتحدث فقط عن المدرسة وما يمكن أن تعلمه لولده من معارف تسبب له النكد، رغم أن المدارس منذ زمن بعيد لم تعد تؤدى دورها فى التعليم على النحو المطلوب، لكن الاحتكاك بمجتمعها قد يؤدى إلى درجة خطيرة من «تفتيح المخ»، كما كان يقول المراكبى، بشكل قد يضر بصاحبها.. أما «المتنبى» فقد استخلص العلاقة بين الجهل والسعادة منذ مئات السنين، قبل زمان المدارس والجامعات والإنترنت والتواصل الاجتماعى والموبابل، وغير ذلك من أدوات أصبحت محل اتهام اليوم بأنها أحد الأسباب التى يمكن أن تكون كامنة وراء تعاسة الإنسان، رغم ما تحمله من قيمة معلوماتية مدهشة.

arabstoday

GMT 02:43 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

4 ساعات مللاً

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!

GMT 02:31 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

رسائل محمد الطويّان المفتوحة والمغلقة

GMT 02:28 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

الشرق الأوسط... تشكلٌ جديدٌ

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 02:21 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

متى يراجع الفلسطينيون ما حدث؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجاهل السعيد الجاهل السعيد



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab