إذا نطق الديك

إذا نطق الديك!

إذا نطق الديك!

 العرب اليوم -

إذا نطق الديك

بقلم - محمود خليل

كانت أياماً صعبة تلك التى مرت على المصريين خلال سنوات الأزمة المالية التى ضربت دول العالم آواخر العشرينيات من القرن الماضي، ووصل صداها إلى مصر بدءا من عام 1930 وما بعده.

لا تجد وصفا لأبعاد وتأثيرات هذه الأزمة في حياة المصريين العاديين، أبلغ من الوصف الذى قدمه الدكتور سيد عويس فى سيرته الذاتية المعنونة بـ«التاريخ الذي أحمله على ظهرى».

ضربت الأزمة أول ما ضربت المعنى الحقيقى للرجولة.

كان ذلك أول ما رصده الدكتور «سيد عويس» من تداعيات للأزمة، فقد جعلت الأزمة الرجال «أشباه رجال»، وقد كان يتحدث فى هذا السياق، متأثراً بالثقافة التى اكتسبها فى حى «الخليفة»، الذى ولد وعاش فيه طفولته وشبابه.

وكان حينها قد ورث محلاً تجارياً عن أبيه، أصبح يعمل فيه لينفق على أسرته.

الرجولة فى الثقافة الشعبية تعنى القدرة على النهوض بالمسئولية، والوفاء بالالتزامات إزاء الزوجة والأولاد وأفراد العائلة الآخرين، وهذا النهوض وذلك الوفاء يبرران موقع الرجل ومكانته لدى أسرته وعائلته.

ويتآكل معنى الرجولة فى الأوقات التى تتراجع فيها قدرة «رجل البيت» على الإنفاق، لذا كان من الطبيعى أن يستوقف تآكل معنى الرجولة الدكتور سيد عويس أول ما يستوقفه وهو يرسم لنا صورة الحياة فى مصر أيام الأزمة المالية العالمية فى الثلاثينات.

اختفاء فرص العمل، وجلوس الشباب والرجال فى بيوتهم دون شغلة أو مشغلة، يؤدى، ضمن ما يؤدى إليه، إلى نوع من الركود السلعى والخدماتى، بسبب عجز الناس عن الشراء أو الدفع. كانت المحال تفتح أبوابها -كما يصف الدكتور سيد عويس- لكن الزبون لا يأتى، إنه بحاجة ماسة إلى الشراء، لكنه لا يملك الثمن.

اتجه أصحاب المحال فى البداية إلى «الشُكك»، فهرول طالبو الحاجات إليهم، لكن الأيام مرت بعد ذلك دون أن يدفع «مديون» ما عليه من ديون، توقف «الشُكك» وتصدرت يافطة: «إذا نطق الديك.. شُكك أديك» كل المحال.

وكانت النتيجة أن خلت الدكاكين والوكالات التجارية من الزبائن بشكل كامل، وإن هى إلا أيام حتى «جابت ضلفها» وتوقفت عن العمل.. إنها الآثار الطبيعية المتوقعة للركود.

من النتائج الأخرى التى ترتبت على الأزمة -كما رصدها سيد عويس- اتجاه البعض إلى امتهان أى مهنة فى سبيل الحصول على المال، وقد قدم نموذجاً لذلك فى شخصية «أحمد عبدالعال»، وهو شخص لم يكن يعمل شيئاً معيناً، ولكنك كنت تراه «سمساراً» تارة، و«متعطلاً» تارة أخرى، وكنت تراه يبيع الحمام، فعنده «غية حمام»، يشترى لها ويبيع منها، وكنت تراه فى سوق الحمام بالقلعة -ما زال موجوداً حتى اليوم- يبيع ويشترى.

أمثال «أحمد عبدالعال» كانوا كثراً فى ذلك الوقت، وهم نماذج للأشخاص الذين يتجهون إلى «تقليب عيشهم» فى الأزمات، بحثاً عن أى رزق حلال، وهم يستحقون الرثاء فعلاً، لأنهم ليسوا كغيرهم من تجار الأزمات، الذين يعرفون كيف يستغلون حاجة الناس وعجزهم، فى مراكمة الثروات.

والشىء اللافت أن الدكتور سيد عويس -رحمه الله- لم يحكِ لنا عنهم، رغم أن الأزمة المالية العالمية، خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضى، مثّلت مسرحاً لظهور نماذج عديدة منهم.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا نطق الديك إذا نطق الديك



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:08 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل
 العرب اليوم - أفضل خامات الستائر وتنسيقها مع ديكور المنزل

GMT 13:03 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025
 العرب اليوم - البطولات النسائية تسيطر على دراما رمضان 2025

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

GMT 17:42 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

برشلونة يتعاقد مع مهاجم شاب لتدعيم صفوفه

GMT 02:25 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

سنتان أميركيتان مفصليتان في تاريخ العالم

GMT 12:15 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب جنوب شرق تايوان

GMT 12:05 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

انفجار قنبلة وسط العاصمة السورية دمشق

GMT 02:41 2025 الأحد ,02 شباط / فبراير

ترامب والأردن... واللاءات المفيدة!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab