الحماية والإهدار

الحماية.. والإهدار

الحماية.. والإهدار

 العرب اليوم -

الحماية والإهدار

بقلم - د. محمود خليل

ليس هناك شىء يخرب الوجدان مثل الخوف. الخوف يقتل الإحساس ويبلده، ويحرض على الاستسلام والتنازل عن الكرامة، إنه يجعل صاحبه كائناً عاجزاً فاقد الإنسانية. الخائف فى حالة سكون دائم، وإذا حدثت المعجزة وتحرك فى لحظة، فإن تحركه يكون مدمراً.

خوف المصريين تاريخى، وإن لم يجدوا ما يخيفهم اخترعوا مصادر وهمية للخوف، ورسخوها فى نفوسهم حتى تتحول إلى حقيقة. زمان -وقبل دخول الكهرباء- كان الكثيرون يخافون الظلام، ويعتبرونه مسرحاً خصباً لظهور العفاريت. بإمكانك أن تراجع مذكرات العديد من الأدباء والمفكرين، الذين تعاصرت رحلتهم فى الحياة مع أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وسوف تجد أن أغلبهم يحكون عن العفاريت التى تظهر فى الظلام فتعبث بالبشر، ولا تختفى إلا مع أذان الفجر. تجد ذلك على سبيل المثال فى «أيام» الدكتور طه حسين. زمان أيضاً كانت الأمهات يربين الأطفال على الخوف من كائنات وهمية لا توجد إلا فى خيالهم، ويرسخنها فى مخيلة الأطفال، مثل «أبو زبعبع» و«أمنا الغولة» وغير ذلك.

كان لسان حال المصريين ينطق بالخوف المصنوع تحت جنح الظلام أو على أجنحة الوهم، وهو ما عبَّر عنه المبدع الراحل «صلاح جاهين» فى رباعيته الشهيرة: «سهّير ليالى وياما لفيت وشفت.. وفى ليلة راجع فى الظلام قمت شفت.. الخوف كأنه كلب سد الطريق.. وكنت عاوز أقتله بس خفت».

شدّ المحتل الإنجليزى خيط الخوف ومدده داخل نفوس المصريين، عبر تهديد كل من يعترض على وجوده بالقهر والتشريد والحرمان، وصنع آلة تبث الخوف الممنهج لدى الناس، اعتمد فيها على مجموعة من الأسماء التى ما كانت تُذكر أمام أحد، إلا ويسقط قلبه فى قدميه، ويعتريه الخوف ويصده عن الفعل. ودعّم الاحتلال ذلك من خلال التفرقة بين المصريين «الخائفين» والأجانب الذين يعيشون فى مصر «تحت الحماية». فالأجانب يحميهم الإنجليز ولهم قوانينهم الخاصة، أما المواطن فالويل كل الويل له إذا تواجه مع شخص «حماية»، فقد كان يعلم أن المحتل سيسحقه سحقاً، لأنه تعدى على من يستظل بحمايته، ولن يأخذ حقاً ولا باطلاً، وعليه فى مواجهة «الشخص الحماية» أن يقبل الإهدار.

ومقابل الخوف قدّم المحتل العديد من الإغراءات لمن يتعاون معه، فوعده بالحماية، حتى ولو كان مواطناً مصرياً، وكان بعض المصريين يستقوون على غيرهم، ويهددونهم بعلاقتهم بالإنجليز، وكان المحتل لا يتأخر عن خدمتهم إذا احتاجوا، حتى يثبت أن من معه «حماية» حتى ولو كان مواطناً محلياً.

زرع المحتل الإنجليزى الخوف فى نفوس قطاع لا بأس به من المصريين، وبهذه الزرعة استطاع أن يستمر فى السيطرة على البلاد ما يزيد على 70 سنة، ولم يخرج إلا بعد أن خلع قطاع من الناس ثوب الخوف عنهم، وألقوا به جانباً، واتجهوا إلى مواجهة المحتل بشجاعة وبسالة، يغذيها الإيمان بحقهم فى الحرية.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحماية والإهدار الحماية والإهدار



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:43 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 العرب اليوم - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها

GMT 12:05 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان ينوي بحث انسحاب القوات الأميركية من سوريا مع ترامب
 العرب اليوم - أردوغان ينوي بحث انسحاب القوات الأميركية من سوريا مع ترامب

GMT 11:35 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة
 العرب اليوم - مكون غذائي يساهم في تسريع تعافي العضلات بعد ممارسة الرياضة

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 04:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
 العرب اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab