بقلم - د. محمود خليل
لا تخلو العديد من "إعلانات بير السلم" من نجوم، إذ يشارك فيها عدد من الفنانين والفنانات الكبار، ممن لا تتاح لهم الفرصة للتواجد داخل أعمال تليفزيونية جديدة. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الفنانين والفنانات، ممن يظهرون داخل هذه الإعلانات، سبق وأمتعونا بأعمال تليفزيونية وسينمائية بديعة.
مشاركة الفنانين في إعلانات أمر وارد ومعروف. على سبيل المثال النجم الراحل عمر الشريف شارك في العديد من الإعلانات، والفنان الراحل الجميل "حسن عابدين" شارك في سلسلة من الإعلانات الشهيرة المتعلقة بأحد المشروبات الغازية.
وقد حكيت لك ذات مرة حجم النقد الذي تعرض له حسن عابدين بسبب هذه الاعلانات، وكيف اتهمه البعض بالمشاركة في "محفل الانفتاح" الذي شهدته مصر منذ منتصف السبعينات، بما ترتب عليه من نشر "ثقافة استهلاكية" مقيتة، تدفع إلى الاستثمار في السلع الاستهلاكية، والبعد عن إنتاج السلع التي تفيد الاقتصاد فائدة حقيقية.الممثلون والممثلاث الذين يشاركون في إعلانات "محفل بير السلم" حالياً أكثر عدداً وتنوعاً من الفنانين الذين شاركوا في "محفل الانفتاح". ولست أدري السبب الذي يدفعهم إلى ذلك وهل هو القناعة بما يفعلون أم لأسباب مالية بحتة؟.
لقد شاهدت إعلاناً يشارك فيه أحد الفنانين عن منتج يعالج آلام العظام، ووجدته يؤكد أن الدواء سحر، وأنه يشفي كل الأوجاع، ويستطيع أن يستخدمه كل من يشكو ألماً في عظامه، بغض النظر عن موقع الألم، وبغض النظر عن معاودة طبيب، وبغض النظر عن حالته الصحية وتاريخه المرضي ومستوى تعارض هذا الدواء مع أدوية أخرى بتعاطاها. لا تسأل عن هذه الأمور، لأننا بصدد سحر وأمام دواء ساحر.. المسألة بالطبع ليست قناعة.. فهذا الفنان يؤدي المطلوب منه، وينظر إلى الموضوع كدور أسند إليه، وبالتالي فالمسألة محكومة بنظرية "العمل/ المقابل".
فهو يؤدي عملاً بمقابل متفق عليه. ومؤكد أنه حر في ذلك، هو وغيره من الفنانين والفنانات ممن يشاركون في هذه الإعلانات، وقد يكون لدى أغلبهم عذر، في ظل عدم استعانة المنتجين التليفزيونيين أو السينمائيين بمواهبهم الكبيرة والمحترمة.
المهم أن استخدام نجوم ونجمات التليفزيون يعكس وعياً من جانب صناع إعلانات بير السلم، لأنه يمنح المحتوى تأثيراً أكبر على المشاهدين.. فالسلعة الرديئة يمكن أن تبيعها بغلاف مبهر.. والبضاعة المضروبة يمكن أن تباع لو استخدمت في ترويجها أدوات قوية، وبالتالي نستطيع القول أن إعلانات بير السلم مؤثرة في قطاع معين من المصريين، ومن المؤكد أن استمرارها بل وتوسعها بالصورة التي نلاحظها حالياً تؤكد أن المنتجين الذين يدفعون ثمنها يستفيدون منها كل الاستفادة في زيادة مبيعاتهم، وقديماً اشترى أحد أجدادنا الترام، فهل نستكثر على بعض الأحفاد شراء مرهم سحري، أو دفع ما في جيبه لنصاب يتاجر عليه باسم الدنيا أو الدين؟
المسألة باتت بحاجة إلى تحرك من جانب المجلس الأعلى للإعلام.. فهو الجهة العليا المشرفة على الإعلام في مصر، وهو يعاير أداء وسائل الإعلام طبقاً لكود أخلاقي محدد البنود، من بينها بنود تنصرف إلى الإعلانات وما يجب أن يحكمها من أخلاقيات.. وبالتالي فهو مسئول بصورة مباشرة عما يحدث على هذا المستوى.. وقد قيل الحركة بركة.