المخادعون

المخادعون

المخادعون

 العرب اليوم -

المخادعون

بقلم - د. محمود خليل

مجتمعنا من المجتمعات المشهورة بالتدين، أو هكذا يوصف.. الوصف يبدو فى محله إذا نظرنا إلى الدين من زاوية العبادات، لكن الأمر يختلف إذا أخذنا الدين من زاوية المعاملات، ويفسر لك ذلك ما يراه الكثيرون تناقضاً بين التدين السائد لدى المصريين من ناحية والحالة الأخلاقية المتراجعة لدى بعضهم من ناحية أخرى.

ويتعجبون كيف وحال التدين هكذا أن يكون حال الأخلاق كذلك؟سبب التناقض إذن واضح، لأن التدين لدى أغلب الناس عباداتى أكثر منه «معاملاتى»، فالعبادات تمثل خياراً سهلاً ومظهرياً لإثبات الإيمان، من وجهة نظر البعض.

ويجهل هذا البعض أن العبادات شُرعت فى الإسلام من أجل الارتقاء بالأخلاقيات والسلوك الفردى، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى، والزكاة تطهر مال الفرد وتعلمه العطف على الفقير والمسكين وابن السبيل، والصوم والحج يزودان صاحبهما بالتقوى وهكذا.. العبادات جوهر من جواهر الدين، ولا بد للمؤمن أن يلتزم بها، على أن يمارسها بعمق إيمانى، يجعل لها أثراً فى أخلاقياته وسلوكياته.

ولا يتعطل أثر العبادات على السلوكيات والأخلاقيات، إلا لدى من يسلكون مسالك التدين المظهرى.ولعلك تتفق معى على أن سيطرة التدين المظهرى أو اللسانى على المجتمع يعطيك مؤشراً مخادعاً حين تبدأ فى البحث عن حالته الأخلاقية، فالشكل العام يؤشر إلى أنها بخير، لكن التعمق فى تحليل سلوكيات الناس سوف يؤكد لك أنها بعافية، وأن الناس تقول بلسانها ما لا يظهر فى سلوكياتها، وأنها تتخذ من الدين وسيلة للمداراة والنفاق والخداع وأكل الحقوق والجور والظلم.

حال الأخلاق داخل المجتمعات المتدينة بصورة مظهرية قد يكون أشد بؤساً من الحالة الأخلاقية للمجتمعات الوثنية.

ولو أنك استرجعت معلوماتك عن حال المجتمع الوثنى فى مكة أيام بعثة النبى صلى الله عليه وسلم فستجد أن المنظومة الأخلاقية السائدة بين أفراده اشتملت على بعض الأخلاقيات الإيجابية التى انتصر لها الرسول، مثل نصرة المظلوم وإكرام الضيف وغير ذلك من قيم وأخلاقيات تم تدوينها فى حلف الفضول، وكان هناك فى المقابل أخلاقيات رديئة سلبية.. ولو أنك توقفت عند خلق ردىء مثل الكذب فستجد أن المجتمع المكى الوثنى كان يراه من أمقت الأخلاقيات.. وقد رد أبوسفيان بن حرب على النبى، حين طلب منه صلى الله عليه وسلم أن يبايعه على «عدم الكذب»، بقوله: «أوَيكذب الرجل؟».. فالرجل فى المجتمع الوثنى لا يكذب، والحرة لا تزنى.. وهكذا.

إذن المجتمعات التى يسودها التدين المظهرى أسوأ حالاً من غيرها، إذا نظرنا إلى خرائط الأخلاق فيها، لأن العبادات وطقوس التدين تستخدم عكس ما أراد الله تعالى لها، فبدلاً من أن تكون رافعة للأخلاق وأداة للسمو بها، تصبح وسيلة للتستر على الأخلاق الرديئة.

فصاحب التدين المظهرى هو شخص يظن أن بمقدوره خداع السماء ونفاق أهل الأرض: «إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم».. ولا يوجد أبشع فى دنيا الأخلاق من أن يتصور إنسان أن بمقدوره خداع الحكيم العليم.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخادعون المخادعون



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab