المال والبنون

المال والبنون

المال والبنون

 العرب اليوم -

المال والبنون

بقلم - د. محمود خليل

جعل الله المال والبنون زينة الحياة الدنيا: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»، لكنه نبه سبحانه وتعالى إلى أن الباقيات الصالحات خير عند الله: «وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً». نحن هنا أمام ثنائية طرفها الأول هو الدنيا وجوهر زينتها هو المال والبنون.. وطرفها الثانى هو الآخرة وزينتها العمل الصالح.

العجيب أن البعض يفهم أن حديث القرآن الكريم عن أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا يأتى فى سياق المدح، وأنها قد تعطى مؤشراً عن رضاء الله تعالى على عبده، وليس هناك خلاف على أن المال نعمة والأبناء نعمة تستوجبان الحمد، والحمد هنا معناه عدم الاغترار بهما، وعدم النظر إليهما كمصدر قوة، أو كأداة للاستقواء على الغير.. إنهما زينة، بمعنى النعمة، لكن سياق الآية يحذر من أن يصرفا الإنسان عما هو أجدى، والمتمثل فى «الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ»، وثوابها عند الله أكبر، ومساحة الأمل الذى تمنحه فى الآخرة أعرض. فالمال يصبح نعمة حقيقية حين يحصل الإنسان عليه من حله وينفقه فى حقه، فينفق منه ويجعله عملاً صالحاً لنفسه ونافعاً له ولغيره، والأولاد نعمة حين يحسن الإنسان تربيتهم ويقدمهم كعناصر صالحة مفيدة للواقع الذى يعيشون فيه.

وقد حذر القرآن الكريم المؤمنين من الزينة المتمثلة فى المال والبنون بشكل صريح وذلك فى الآية الكريمة التى تقول: «وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ». كيف تتحول الأموال والأولاد من نعمتين إلى فتنتين؟. لكى نجيب عن هذا السؤال علينا أن نتفق أولاً على معنى الفتنة.

يعرّف المفسرون الفتنة بأنها الاختبار أو الابتلاء، والاختبار فى تقديرى يشير إلى ما يقترن بالفتن من ارتباك فى القدرة على التمييز بين الحق والباطل أو الصواب والخطأ، فالأمور فى الفتن تختلط، ويزيغ البصر، وتغمض الرؤية، ويكون الإنسان أحوج ما يكون إلى عصر عقله وإعمال ضميره، حتى يتخذ قراراً إزاء الواقع المضطرب، وأما الابتلاء فيشير إلى الحالة التى تُختبر فيها قيم الإنسان، من صبر وتحمل وقدرة على مواجهة صروف الحياة ومشكلاتها.

حين يعتقد الإنسان أن المال هو مصدر القيمة فى الحياة فمؤكد أنه يعانى من ارتباك فى نظرته إلى الحياة، وعجز عن التمييز بين القيم والتافه فيها.. فالمال لا يمنح علماً فى حالة جهل، ولا صحة فى حالة المرض، ولا يؤخر من عمر الإنسان حين يحين أجله، ولن يصحبه الإنسان معه فى رحلته إلى الآخرة، وهو لا يبقى فى الحياة بعد الرحيل، لأن هناك من يرثه ويهلكه.. العلم أقيم من المال، فهو يوجد أسباباً للشفاء فى حالة المرض، وهو يمنح الإنسان حياة أفضل، لأن العلم خير وسيلة لتحسين شروط الحياة، وإذا قدم الإنسان علماً ينفع الحياة فإن ثوابه يبقى له حتى بعد رحيله عن الدنيا. المال ابتلاء حقيقى فى الحياة، يختبر به الخالق العظيم الإنسان وكيف سيصنع فيه ويحاسبه على صنيعه.

الأولاد أيضاً قصة اختبار كبرى، فلا يوجد أعز لدى أى إنسان من أبنائه وبناته، لكن ثمة فارق بين حب المرء لأولاده كمسألة فطرية، وتحويلهم إلى أصنام يعبدهم. أحياناً ما تسمع من بعض الآباء كلاماً عن أنهم يفعلون كل ما يستطيعون ليسعدوا أولادهم، فهذا يسافر ويفنى عمره غريباً بعيداً عن آله ووطنه من أجل أن يوفر لهم مالاً ينفقونه على ما يلزمهم وما لا يلزمهم، وعلى الأساسيات والكماليات، ومنهم من يرتضى لنفسه استغلال النفوذ أو التربح غير المشروع من أجل أن يراكم لهم الثروات، ويقول لك إنه يفعل ذلك من أجل أولاده، ويذهب بعد ذلك إلى ربه ليحاسبه على ما جنت يداه بالفساد، ويترك المال لأولاده ليستمتعوا به.. لقد حذرنا الله تعالى من أن الأولاد يمكن أن يتحولوا إلى مصدر من مصادر فتنة الإنسان عن الحق فى الحياة، وذلك فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ».. تخيل أن الأولاد يمكن أن يصيروا أعداء الأب أو الأم، يمكن أن يحدث ذلك إذا خرج الإنسان عن المنسوب الطبيعى والفطرى لحب الأولاد ليتحول إلى عبادتهم.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المال والبنون المال والبنون



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab