الضربة الموجعة

الضربة الموجعة

الضربة الموجعة

 العرب اليوم -

الضربة الموجعة

بقلم - محمود خليل

 

 

ضربة حقيقية موجعة قادرة على تعرية أى «قوة مزعومة»، ذلك ما أثبتته الضربة الأخيرة التى وجهتها المقاومة الفلسطينية إلى إسرائيل. فقد أدت إلى تعريتها وكشف واقع الحال بها. لا شىء فى هذه الحياة يحدث من فراغ أو فى فراغ، أو فجأة وعلى حين غرة، كل شىء وله مقدماته ومؤشراته. فثمة مجموعة من العوامل التى تؤدى إلى اهتزاز أية قوة مباهية بذاتها أياً كان حجم قدراتها، من بينها: الشعور بفائض القوة، والاستخفاف بالخصم، والثقة فى القدرة على العودة «الريمونتادا» فى أى وقت ومهما تعقدت الأمور، واللا مبالاة.

منذ نشأتها عام 1948، وهناك شعور يسيطر على إسرائيل بأنها أقوى دول المنطقة، بل إنها تتمتع بما يمكن أن نطلق عليه الشعور بـ«فائض القوة»، نتيجة دعم الغرب لها واتجاهه إلى تزويدها بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا، وما يضمنه لها من تفوق «أدواتى» على العرب. غذّت التجربة هذا الشعور لدى الإسرائيليين، خصوصاً بعد أن وجدوا أنفسهم ينتصرون على العرب فى المعركة تلو الأخرى، كما حدث خلال الفترة من 48 إلى 67، وظنى أنهم لم يتعلموا من هزيمتهم المدوية فى أكتوبر 1973 كثيراً.

منذ مطلع الثمانينات -بعد توقيع اتفاقية السلام 1979- وحتى عهد قريب عربدت إسرائيل فى المنطقة، كما شاءت وكيف شاءت، دون أن يوقفها أحد، بل على العكس، كان الجميع يهرول نحوها بالسلام، ويطلب التفاوض معها، كل هذا غذّى -من جديد- إحساس صانع القرار فيها وكذا شعبها بـ«فائض القوة»، وقد كان من العجيب أن يتوافق قطاع من العرب على أن إسرائيل كذلك بالفعل، وأنها تتحكم مع الولايات المتحدة الأمريكية فى مصائر البلاد العربية، بما فى ذلك أدق المسائل التى تحكم هذه المصائر.

شعور إسرائيل بفائض القوة سهّل كثيراً من مهمة المقاومة الفلسطينية، ويسّر لها اختراقاً هائلاً لغلاف غزة يوم السبت 7 أكتوبر الجارى. المفاجأة كانت كبيرة أدارت رأس صانع القرار والمواطن العادى داخل إسرائيل، فقد ثبت للجميع أن القوة المدعاة لم تكن أكثر من قوة مزعومة، وأنها لا تعدو أن تشغل الفضاء أكثر مما تسيطر على الأرض. فمن السهل جداً على الإسرائيليين السيطرة على السماء بأحدث الطائرات التى تلقى بحمم الموت على المدنيين، مستخدمين فى ذلك أحدث أنواع التكنولوجيا، بإمكانهم أن يدمروا مرافق البنية الأساسية ويحرموا الناس منها، لكن وضعهم على الأرض يكشف القوة الحقيقية، قوة رجل فى مواجهة رجل.

الشعور بفائض القوة يضع صاحبه على الطريق السريع للترنح والتهاوى، ويصيبه بإحدى آفتين: آفة الاندفاع بسبب الشعور المتعاظم بامتلاك الأدوات، أو الآفة العكسية المتمثلة فى التلكؤ، والتى تدفع بصاحبها إلى التباطؤ فى الفعل، ثقة منه فى القدرة على السيطرة على المواقف، ناهيك عن افتقاده إلى القدرة على التفكير المتوازن الذى يفهم معه الإنسان أنه ليس وحده فى هذا العالم، وأنه مهما امتلك من معطيات قوة، فإن القوة الأكبر تبقى فى ذات الإنسان وإيمانه وثباته وصلابته.

مشكلة إسرائيل أن العرب علّموها عبر تجربتهم معها أن تنظر فى المنطقة فلا ترى إلا نفسها.. وهى تتعلم الآن درساً جديداً.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضربة الموجعة الضربة الموجعة



الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:45 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

مي عمر تردّ على انتقادات "إش إش"
 العرب اليوم - مي عمر تردّ على انتقادات "إش إش"

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

"إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم
 العرب اليوم - "إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم

GMT 11:54 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

هكذا يشنّ العرب الحروب وهكذا ينهونها

GMT 11:53 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

لبنان وحزب الله

GMT 03:51 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

حق أصيل للناس

GMT 01:15 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

شهيد في قصف للاحتلال الإسرائيلي جنوب غزة

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

مسيّرات إسرائيلية على شرق مدينة غزة

GMT 01:14 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

9 وفيات بالكوليرا في مخيم للاجئين بأوغندا

GMT 01:10 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

قصف إسرائيلي على مواقع للجيش السوري في درعا

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

"إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab