خلقه الله «شقيا»

خلقه الله «شقيا»

خلقه الله «شقيا»

 العرب اليوم -

خلقه الله «شقيا»

بقلم - د. محمود خليل

عاش "الحجاج بن يوسف الثقفي" مدافعاً بكل ما يملك من طاقة عن الدولة الأموية، لا نستطيع أن نحدد على وجه الدقة، هل كان "الحجاج" مدفوعاً في ذلك بإيمانه بتلك الدولة، وحتمية استمرارها، وسحق أعدائها دفاعاً عن الدين، أم كان مسوقاً بأحلامه وطموحاته في القيادة والولاية بما يرتبط بهما من شبكة مصالح.

ولد الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 40 هجرية، أي قبل عام من تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان وتدشين الدولة الأموية، ومات في سنة 95 هجرية، ويعني ذلك أنه عاش 55 سنة هجرية.

لا أجدني بحاجة إلى أن أحدثك عما تعلمه بالضرورة عن عنف الحجاج مع خصومه، وعدم تردده في التخلص منهم، مهما كان مقامهم أو شهرتهم في أوساط المسلمين في عصره. فكتب التراث تزخر بنماذج على ذلك، وهي تزدحم بالتوازي مع ذلك بأحاديث نقيضة تقول إنه كان صواماً قواماً، يختم كتاب الله تعالى تلاوة كل ثلاثة أيام، وكان صاحب عبادة وزهادة، وغير ذلك من أوصاف، لا أجد تفسيراً لها سوى محاولة تجميل وجه الرجل، أو التخفيف من حدة ما ارتبط بعهده من مظالم وظلم لعباد الله.

لسنا إذن أمام شخصية مزدوجة أو فصامية، تجمع بين الشىء ونقيضه، بل أمام شخصية واضحة المعالم لها توجهاتها في السياسة والقيادة، ولها منهجها في التعامل الفظ مع الخصوم، وأخطر مفتاح يمكن أن تفهم به شخصية الحجاج يتعلق بـ"التفتيش عن النوايا". فالرجل لم يكن يجد غضاضة في التفتيش عن نوايا من حوله، وتبني تصورات تخيليه عما يسكن فيها، واتخاذ قرارات عقابية بناء على ذلك.

تستطيع أن تستدل على ذلك من القصة التي حكاها "ابن كثير" في "البداية والنهاية" وفيها أن الحجاج ووالده كانا يجلسان بإحدى الطرقات بمصر، فمر عليهما "سليم بن عنز" قاضي مصر الشهير، فانتفض والد الحجاج قائماً، وذهب إليه وسلم عليه، وأخبره أنه ذاهب إلى أمير المؤمنين، إن كان يريد حاجة منه، فأجابه "سليم": نعم.. أطلب منه أن يعزلني عن القضاء. فرد والد الحجاج: سبحان الله.. والله لا أعلم اليوم قاضياً خيراً منك. عاد الأب إلى ولده، فلامه الابن على قيامه للقاضي، فقال الأب: والله يا بني إني لأحسب أن الناس يرحمون بمثل هذا، فقال الحجاج: والله إن هذا الرجل وأمثاله هم الأشد إضراراً بأميرالمؤمنين.. لأن هذا وأمثاله يجتمع الناس إليهم، فيحدثونهم عن سيرة أبي بكر وعمر، فيحقر الناس سيرة أمير المؤمنين، ولا يرونها شيئا عند سيرتهما فيخلعونه، ويخرجون عليه ويبغضونه، ولا يرون طاعته، والله لو خلص لي من الأمر شيء لأضربن عنق هذا وأمثاله.

تخيل كيف علق "يوسف الثقفي" والد الحجاج على ما قال ابنه.. قال له: والله إني لأظن أن الله عز وجل خلقك شقيا.. وهل هناك أشقى من صاحب القرار الذي يقيّم البشر بناء على التفتيش في نواياهم؟!

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلقه الله «شقيا» خلقه الله «شقيا»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 العرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab